روضة النجاح الكبرى

في العمليات الجراحية الصغرى

محمد بن علي بن محمد البقلي ( الجويلي )

 1813 - 1876 ميلادي

 

الباب الرابع في الكي

الكي هو وضع النار والجواهر الكيمياوية الكاوية طبيعة على الجسم والمقصود منه اما تحمير الجلد او تنفيطه او زوال حياة العضو المكوي وفيه فصول :

 

* الفصل الاول الكي بالنار*

اعلم ان الكي يكون باجسام حاملة للنار وهى نوعان

الاول: الاجسام التي تلتهب وتشتد حرارتها كلا احترقت وهى المقص

والثانى: الاجسام المتداخلة بالحرارة

وهى المحاور والماء المغلي او الزيت المغلي اوبعض جواهر محماة للغاية وسترد عليك على هذا النمط ان شاء الله تعالى كل في مبحثه

 

المبحث الاول في المقص ( اضغط هنا )

 

المبحث الثاني في الكي بالمحاور ( المياسم ) :

الكي بالمحور هو وضع محور من الحديد والفولاذ بعد إحمائه بالنار على محل من الجسم وانما نصينا على الحديد والفولاذ لانهما احسن من غيرهما من المعادن لكثرة تحملهما للحرارة ولسهولة تخليهما عنها وعدم ذوبانهما من شدة النار ورخص ثمنهما لكن الفولاذ أحسن من الحديد لانه اكثر اندماجا واقل قابلية للتأكسد لان اوكسيد الحديد يمنع تغير سطح المحور بشدة الحرارة وذلك التغير هو تلوّن الفولاذا والحديد بالوان مختلفة متعاقبة ، وتعاقب الالوان المذكورة أقوى دليل على مقدار الحرارة الداخلة في المحور لان اللون السنجابي يدل على ادنى درجات الحرارة والاحمر المظلم يدل على اقوى منه والاحمر الكرزي يدل على اقوى منهما ثم الابيض فانه يدل على أقوى درجة من الكل لان درجة  البياض اقوى الدرجات واقصاها ، فالجراح ( المعالج ) يحمي المحاور حتى يصل الى اللون الايق بالداء ، والمحور مركب من قبضة وساق وطرف كاوي منتفخ .

 

فاما القبضة فتكون من خشب البقس او الابنوس ويكون طولها خمسة قراريط فاكثر الى ستة وحجمها ملاء اليد وشرطها ان تكون مضلعة ليتمكن من مسكها بدون انزلاق ويكون طرفها الموالي للساق من معدن يشبه الحلقة مجوفا تجويفا مربعا متساوى الزوايا وطوله نحو قيراط وطرفه ملتصقا بالقبضة اتم التصاق وساق المحور داخله في التجويف المذكور ومنه في القبضة . وفي احد جوانبها في محاذاة ثلث طولها ثقب ينفذ فيه لولب ضغط يثبت به طرف الساق بعد ادخاله فى القناة وبذلك لا تحترق القناة ولا تسخن ولاينفك لحامهاكا كان يحصل في المحاور القديمة اذا وضعت في النار لان القبضة كانت موصولة بالساق لالتحامها بها.

واما الساق تكونة من فولاذ مسحوبة من نفس القطعة المتكون منها الطرف الكاوي وتكون مبرومة كحربى البندقية المعروف بالمدك ، وطولها نحو قدم وطرفها الذى يلي القبضة يكون مربعا بحيث ان تربيعه وحجمه يوافق تربيع قناة القبضة المذكورة آنفا بحيث يسهل ادخاله فيها او اخراجه منها مع انه يكون مالئا لها ، واما الطرف الاخر فيكون معوجا بحيث يتكون من هذا الاعوجاج زاوية يكون بين طرفها و بين الطرف الخصوص بالك ثمانين اوتسعين درجة ومنفعة الاعوجاج المذكور سهولة توجيه المحور الى جميع الجهات اكثر مما اذا كان معتدلا ووضعه وضعا عموديا بالنسبة لسطح الاجزاء مع ملاحظة فعله لكن من المحاور ما هو مستقيم وهو المحور القصبى .

" أنواع المياسم " 

واعلم ان المحاور ( المياسم ) تختلف عن بعضها بحسب طرفها الكاوى الى ستة أنواع:

الاول المحور القصبي او الاسطواني وانما سمي بذلك لان طرفه الكاوى متكون من اسطوانة طولها نحو قيراطين وعرضها نحو ستة خطوطه وهو ينفع في إحالة جدران القنوات الطويله العميقة الى خَشْكَرِيشة او سطح الجراوح المحفورة على صورة ميزاب او محال آخر صغيرة موضوعة وضعا غائرا

 

الثانى المحور المخروطي وانما سمي بذلك لكون طرفه الكاوي على صورة مخروطي مقلوب طوله نحو قيراط وقطر قاعدته ثمانية خطوط ووسط هذه القاعدة تتصل بالساق ، واماطرف فهو الذى يلامس الاجزاء التي يراد كيها ، وهذا المحور يستعمل في كل التجاويف الضيقة التى يراد توسيعها بتوسيع فوهتها التي يدخل فيها المحور ،  ويستعمل في كل الجروح الحاصلة عن عض الحيوانات الكلبة او لذع الهوام ، وهذا المحور وان كان لا يكوى الابطرفه الدقيق فان كيه يكون عميقا لان قاعدته كمستودع تكمن فيه الحرارة اكثر مما اذا كان حجمه دقيقا متساويا في جميع طوله.

 

الثالث المحور البلطي: وسمي بذلك لشبه طرفه الكاوي بالبلطة وهو يستعمل في الكي الخطي وفي قطع سوق بعض الاورام الفطرية وفي ازالة الاورام العظمية للعظام الفكية التى اذا قطعت بسكين ربماحصل منها نزيف.

 

الرابع المحور المجرفي :  وسمي بذلك لشبه طرفه الكاوي بالمجرفة وهو سواء كان من الحديد والفولاذ فشكله يكون بيضاويا اومستديرا وعرضه نحو قيراط ، ونصف وسمكه ثلاثة خطوط واحد سطحيه مفلطح او محدب قليلا والاخر متصل من الوسط بساق المحور، وهو يستعمل في الكي بالمقابل وفي كي الاجزاء المكشوفة المسطحة المتسعة ، لانه بواسطة شكله المذكور يوضع على الاجزاء المذكورة وضعا محك ويستعمل ايضا في افساد بنية سطح بعض الجروح او القروح الفطرية اوالمتعفنة تعفنا مارستانيا وفي ازالة بعض تسوس العظام.

 

الخامس المحور الحلقي: وهو محور مركب من كرة كبيرة محمولة على ساق مستقيم او منحن وفي جهته المقابلة لجهة الساق حلقة شبيهة بتاج المثقاب المنشارى ، وحرف الحلقة المذكورة غير حاد وغور تجويفها قدرخطين ونصف والحلقة هي التي تلامس الجسم حال الكي،  وهذا المحور يستعمل في كي قمة الرأس وله مزية على غيره وهي أن الكي به يحدث خَشْكَرِيشة حلقية على الفروة بدون ان تتأثر السحايا والمخ الحرارة ويحصل فيهما تهيج والتهاب.

 

السادس المحور الزيتوني : وسمي بذلك لشبه طرفه الكاوي بالزيتونة ، ساقه ادق من سوق الانواع السابقة وهو يستعمل في كي جدران تجاويف الاورام المتكيسة التى لايراد كي فوهتها التي يدخل منها المحور بسبب دقته ويستعمل فيما يستعمل فيه المحور المخروطي من عض الحيوانات الكلبة ولدغ الهوام.

 

وهنالك محاور أخرى مخصوصة ببعض الاعضاء كالتي تستعمل في امراض العين والاسنان وكي بعض النواصير المثانية المهبلية . وسنتكلم عليها عند الكلام على معالجة الامراض المستعملة فيها .

 

واذا اريد الكي ينبغي ان تحمى المحاور بنار فحم موضوع فيما يسمى في مصر بالمنقد ويكون عميقا لئلا ينقلب المحور من ثقل الجزء الخارج عن النار المسند على حرف المنقد .

 

ويلزم ان يوجد في المارستانات ( المصحات ، المستشفيات ) مناقد من نحاس او حديد او فخار عالية القوائم لتصل اليها يد الجراح بدون انحناء منه ويكون في جوانبها فتحات لوضع منها المحاور في النار وفي مدة الاحماء ينبغي ان يكون مع الجراح مساعد يلاحظها و يناولها اياه وقت الطلب وعلى المساعد ان يخبط المحور على طرف المنقد وعلى شئ صلب بعد اخراجه من النار وقبل مناولته الجراح لتنفصل عنه القطع الدقيقة المتأكسدة المتكونة على سطح الطرف الكاوي لانها تمنع جودة الكي ، وعليه ايضا ان يركب قبضة الغيار على المحور الذي يعلم الاحتياج اليه ليكون جاهزا من قبل زوال الحرارة عن المحور المستعمل ليعطيه الجراح بدون ابطاء وتراخ ، وان علم ان الجراح يحتاج للمحور الذي اخذه منه ينبغي ان يضعه فى النار ثانيا بعد اخراجه من القبضة ، وبعد الكي ينبغى ان لا يترك المحاور تبرد في الهواء بل يغمسها في الماء البارد لتنقى ثانيا.

 

نتيجة الكي :

واعلم ان نتايج الكي تختلف على حسب درجة حرارة المحور فكلما كانت الدرجة انزل كان الالم والنهج الحاصلان عن الكي عظيمين وكانت الخشكريشة رقيقة ، وكلما كانت أعلى درجة كان الالم والتهج قليلين وكان افسادها للبنية اعظم واسرع ولذلك كان المحور الذى احمي عليه حتى صار سنجاريا أشد ألما وأكثر تهيجا من الذى أحمي عليه الى الدرجة البيضاء .

 

على الطبيب ان لا ينسى هذه الملاحظات وقت العمل لان مناسبة درجة حرارة المحور تعلم بالنتايج التي يراد تحصيلها ، واعلم ان الكي الناري كان كثير الاستعمال عند القدماء لاسيما اطباء العرب حتى ان الشيخ الزهراوي أحد اطباء العرب كتب عليه مقالة نفيسة اطلعت عليها وقت كتابتى لهذا المبحث.

 

لكن وان كان قد يضطر اليه في كثير من الامراض الا انه لا يفعل الا اذا لم يوجد ما يقوم مقامه ولهذا قال صاحب المعجزات عليه افضل الصلاة وازكى التحيات إن يكن الشفاء ففي ثلاثة شربة من عسل او شرطة محجم اولذعة نار ولا احب ان اكتوى ، فان كان لا مندوحة عنه ولا شي من الادوية يسد مسده كان لازما والا فلا ، وقد يستعوض بالكاويات الكيماوية الا انه في اغلب الاحوال يستعمل هو بدلها لانه اقوى تأثيرا واسرع منها فعلا ويسهل به تحديد الجزء المراد كيه اكثر منها .

 

اكثر استعمال الكي :

وأكثر استعماله في تنبيه اسطحة القروح الضيقة وفي ايقاف سطح الغرغرينا المارستانية ، وتقوية الجلد والاوتار العريضة المحيطة بالمفاصل المصابة بالاحتقانات الضعفية ، وزوال الزوايد الفطرية المتولدة على اسطحة الجروح او القروح ، ولاحالة قاعدة القروح السرطانية الى خَشْكَرِيشة، وتحديد سراية تسوس العظام وافساد السم المنصب فى الجروح الحاصله عن عض الحيوانات الكلبة او لدغات الهوام ، ولفتخ بعض الخراجات وايقاف الانزفة .

 

ويستعمل محولا وله كيفيات كثيرة ، منها الكي بالمقابلة وهو يفعل بمقابلة المحور الجرف المحمي الى الدرجة البيضاء لمحل المرض الا أنه يكون بعيدا عنه بحيث يحصل من حرارته أكلان شديد وكلما نقصت حرارته يقرب من العضو او يستعوض بمحور اخر وهذه المقابلة تستمر ربع ساعة اوثلثها وان لم يوجد المحاور وكان الكي المذكور لازما يفعل بجمع اشعة الشمس على المحل بواسطة زجاجة مخصوصه فان لم يوجد الزجاجة تمسك جذوات فحم مضطرمة بماسك وتقرب من المحال المريض بنحو قيراط وقد يفعل هذا الكي في علاج القروح المستدامة الناشئة عن ضعف العروق الدموية للعضوالمصاب بالقروح التى يكون سطحها سانجابي اللون رخوا فطريا لم يتنبه بوسطة من الوسائط الاخرى .

 

وكما يستعمل في القروح والاورام الخنازيرية وفي الغرغرينا المارستانية وفي جميع الامراض الناشئة عن ضعف الاجزاء لان بتأثيره تحمر الانسجة فتنتفخ من وارد الدم فيها ويحس العليل حينئذ بألم متوسط الشدة فيحدث في تلك الانسجة التهاب صناعي لاتزول عوارضه الا ببطئ وتخلفه زيادة قوة حيوية في العضو المريض .

 

و اعلم أن الكي مرة واحدة لا يكفي وبعده يرجع العضو الى ضعفه الاول فلذلك يلزم تكراره جملة حتى تستحيا العروق ويدب في العضو الشفاء .

 

ومنها الكي الخطي والعادة ان يفعل بالمحور البلطي وان كان يمكن فعله بالمحور المخروطى بان لا يجر على الجلد الا طرفه ، وكيفية الكي به ان يرسم الجراح اولا خطوطا بمداد او نحوه يكون عددها واتجاهها وانتظامها بحسب خطوط الكي الذى يراد فعلا وتكون الخطوط المذكورة متوازية او تبتدئ على الجلد بانحراف من خط اصلي مستقيم وتنتهى بعيدا عنه بحيث يحصل من اجتماعها ما يشبه الريشة وما ذلك الابسبب العضو الذى يراد كيه وبسبب حجمه وسعة سطحه الا انه ينبغي الاحتراز عن مصالبة الخطوط المذكورة لأن المحال التى يمر عليها المحور  مرار يكون كيها أبعد غور من المحال الاخرى واكثر مما يلزم فيحصل من ذلك تقييح غزير المدة طويل المدة بلا فائدة لان غاية الكي الخطي احداث تهج الجلد لاازالة جزء منه ، ثم بعد رسم الخطوط كما ذكرنا يمسك العليل مساعدان ثم يمسك الجراح المحور المحمي الى الدرجة البيضا مسكا قويا ويجر حرفه على الخطوط المرسومة جرا سريعا خفيفا ضاغطا به ضغطا متساوي الشدة لئلا يغور الكي في موضع دون آخر ولا ينبغي ان يتجاوز تأثيره الدرجة الثالثة اعنى ان سمك الخشكريشة التي تحدث عن الكي تكون بقدر سمك الجلد لا تزيد عليه .

ولاجل ان تكون شدة الكي متساوية في جميع الخطوط يجب ان يبدل المحور المتداول قبل ان يفقد مقدار عظيما من حرارته ، وهذا اذا لزم الامر لجملة كيات خطية وبعد تمام العمل يغطى محل الكي بعصابة جافة او برفايد مبلولة بسائل منبه كالنبيذ وذلك لاجل استمرار التنبه الناري ولا توضع عليه المرخيات ولا الدواسم الا اذا حدث فيه عوارض التهابية شديدة ، ثم بعد سقوط الخشكريشات تعالج الجروح التى تبق في محلها بما تعالج به الجروح المتقيحة .

 

وهذا الكي يستعمل في الاورام المصلية لمفصل الركبة وفي ارتخاء الاوتار والمحافظ الليفية المفاصل واكثر استعماله في معالجة الاورام البيضا يج ثم ان هذا التى وان كان اجود الوسايط في علاج هذه الاعراض الاانه يلزم ان يقرن بالادوية الباطنة والظاهرة مما يليق بطبيعة الداء وسببه.

 

ومنها الكي البالغ ولاجل عمله جيدا ينبغي ان تكون حرارة المحور في الدرجة البيضاء وان تصاب الاجزاء القريبة لمحل الكي من تأثير الحرارة ، وان يكون ابلاغه بلاغ مناسبا لا زايد عما يلزم ولاناقص عنه ، والوسايط التى تحفظ بها الاجزاء القريبة من محل الكي عن تأثير اشعة حرارة المحور هي الخرق المبلولة والاسفخ المبلول والنسالة والقطن والثيل والكتان الخام المبلولان بالماء لكن هذه الاشياء قد تكون عسيرة الوضع والمكث لهشاشتها وقد تؤثر حرارة المحور على الماء الذي بلت به فيستحيل الى بخار حار يؤلم الاجزاء التى يراد صيانتها .

وان استعملت جافة ربما التهبت فتحرق العضو الذى تحتها ويحاول الدخان المتصاعد من احتراقها بين بصر الجراح وبين الاجزاء فيعيقه عن اتمام العملية .

 

واما الالواح الخشبية فانها وان كانت عارية عن العيوب المذكورة الا انها غير سلسة فلا يمكن تطبيقها على شكل الاعضاء التي يراد صيانتها بها .

وكان بعض الاطباء يثني خرقة طبقات ويغمسها في ماء مصمغ ثم يجففها مع الضغط عليها وهذه الواسطة احسن من الخرق المبلولة لقلة جودة توصيلها للحرارة واحسن من الخرق الجافة لقلة قابليتها للاجتراق ، وافضل الوسايط كل الورق المقوى المصقول السلس فيؤخذ ويقطع قطعا يكون كل من طولها وعرضها واتجاهها وشكل حفافيها موافقا للاجزاء التى يراد حفظها بها ، فاذا ادخلت هذه القطع في تجويف اوجرح غائر يراد كي احدهما فانها تستقر في مجال وضعها ولا تحتاج لان تمسك لكن في اغلب الاحوال تثبت بواسطة جفت او ماوق وما اشبهه.

وان كان المراد توصيل المحور الى قعر قناة ضيقة لا يمكن توسيعها بالة قاطعة ولابشئ آخر وكان المقصودك محل محدود من القناة المذكورة فلا تليق قطع الورق المذكورة لكونها تشغل مسافة اكبر من المراد .

والواسطة المستعملة في ذلك ماسورة من فولاذ مخروطية الشكل قليلا ومفتوحة من طرفيها ومتصل بطرفها العريض قبضة مفرطحة من نفس المعدن صورتها مرسومة في صفحة الاشكال ولكون هذه الالات جيدة التوصيل للحرارة قد تكتسبب الحرارة التى تكون في المحور المار في تجويفها ووصلها لاجزاء البدن التى هي موضوعة فيها، ولاجل الاحتراز عن هذا الضرر تؤخذ ماسورة ذات جدران سميكة وتجويف متسع بحيث يمر فيه المحور بدون ان يمس جدرانه فبذلك لاتسخن الجدران ولا توصل الحرارة الى الاجزاء الملامسة لها من الظاهر .

 

ويلزم ان يكون الكي على مرار بان يدخل المحور في الماسورة سريعا حتى يصل الى المحل الذى يراد كيه ثم يخرج سريعا ثم يدخل ثانيا بعد لحظات وبعد تسخينه ثانيا أو ابدله بمحور اخر لكن ان كان لايراد الا تهيج قناة او جز من قناة تستعمل ماسورة مسدودة  من احد طرفيها فتدخل فى القناة ثم يؤخذ محور وصلت حرارته الى الدرجة البيضاء ويدخل في الماسورة فمن ملامسة الماسورة المحور تسخن ويحدث من حرارتها في جدران القناة المباشرة لها الم شديدا وحرق خفيف وينبغي ان كان محل المرض مستورا بالجلد ان يشق لينكشف الداء ثم يكوى بمحور مجرفي او قصبي اوزيتوني تكون حرارته وصلت الى الدرجة البيضاء ، وفي حال الكي ينبغي ان يبقي المحور على العضو مدة يختلف طولها بحسب النتائج التى يراد احداثها ومتى انطفأ المحور بتوارد الدم الحاصل عن التهيج وقطع العروق يبدل بمحور آخر تتم به العملية .

 

ومن حيث ان المقصود من الكي البالغ إفساد حالة العضو المكوي ينببغي حال الكي ان يمسك المحور بقوة ويجر على سطح المحل الذى يراد كيه اذا كان اصغر من المحل لان الحديد المحامى جدا يفسد الاعضاء بمجرد ملامسته لها ، ولكن لاينبغي الاقتصار على احالة سطح الجزء المريض الى خَشْكَرِيشة بل يجب ان يكون الكي غائرا طبق المطلوب.

 

واعلم ان سمك الخشكريشة لا يكون على حسب عدد المحاور المكوي بها لانه لا يريد مما تكوّن من وضع محورين او ثلاثة ، بسبب ان الخشكريشة المذكورة غير جيدة التوصيل للحرارة تمنع وصول حرارة المحاور الى ما تحتها من الاجزاء فلذا لايمكن ازالة الاورام الغليظة فى مرة واحدة ، وقد تكون رطوبة المحل سببا في عدم تكوين خَشْكَرِيشة سميكة كالمطلوب فلذلك ينبغي تنشيفه اسفنجة اوكرة من نسالة ثم يسرع بوضع المحور بعد رفع الاسفنجة او الكرة قبل ان يترطب او تندى بالسائل المرشح .

 

وقد تكون حركات العليل سببا لمنع كمال الكي فمتى علم الجراح ان العليل جبان يامر مساعديه ان يضبطاه ضبطا جيدا ثم لاجل تسكين روعه يستحضر على محور شديد الحرارة ويخفيه عن عين المريض ويظهره محور آخر فيه أدنى حرارة ويريه انه لا يكويه الابه ثم يغالطه ويأخذ المحور الشديد الحرارة ويكويه في الحال ولكن كما لاينبغي ان تكون الخشكريشة أرق مما يلزم ، ينبغي ايضا ان لا يجاوز سمكها القدر اللايق لان من المجرب ان الخشكريشة تكون عند انفصالها أعرض واسمك مما كانت عليه وقت تكوينها وذلك صادر من سريان الحرارة الى الاجزاء الملامسة للخشكريشة وقت حدوثها ، وهذه الاجزا تموت لعدم تحملها للالتهاب الصادر عن حرارة الكي .

 

وأكثر استعمال الكي البالغ في معالجة القروح المتغرنغرة غنغرينا مارستانية وفي تسوس العظام وفائدته في هذه الامراض احالة الاجزاء المريضة الى خَشْكَرِيشة ليحدث في الاجزاء التى تحتها رد فعل دموي لان الرد المذكور يعين على سرعة التحام القروح ويمنع رجوعها لما كانت عليه من التعفن ، والافات الموجبة لذلك المذكور هي لدغ الهوام وعض الحيوانات الكلبة وبموجب ذلك تكون فائدته هنا افساد حالة الجزء الملدوغ او المعضوض وافساد السم المنصب فيه ومن ذلك يتلافى سريان السم في الجسم وتأثيره في الاعصاب . وقبل الشروع في الكي المذكور يلزم توسيع فتحة اللدغة اوالعضة بالة حادة ثم يدخل المحور في الفتحة سواء كان المحور القصبي او المخروطي او الزيتوني الى ان يصل الى اقصى غورها لكن يجب الاحتراز عن اصاب الشرايين والاعصاب والاعضاء الرئيسة التي قد تكون مجاورة للدغة اوالعضة ، ويلزم حال الكي تتبع تعاريج العضة بالمحور لئلا يبق فيها شيئ من السم فيسرى في الجسم وتصدر عنه العوارض التى يكون الطبيب بصدد تداركها بالكي .

وبعد اتمام الكي يوضع على الخشكريشة مواد دسمة واذا انفصلت وسقطت يلزم استدامة التقيح ما أمكن.

ويستعمل الكي المذكور ايضا لقطع نزف الدم الذى لم ينقطع بالربط ولا بالضغط الجانبي على العرق المفتوح والمستعمل لذلك من المحاور القصبى اوالزيتوني ،  وكيفية العمل حينئذ انه بعد احماء المحور الى الدرجة البيضاء يوضع سريعا على فوهة الجرح بعد رفع الاسفنجة او الكرة التفتيكية التى تكون سادة لها ومنشفة الدم وكما تلزم السرعة في الكي المذكور يلزم رفع المحور عن الخشكريشة قبل ان يبرد لئلا تلتصق به وترتفع معه فيرجع نزف الدم ثانيا ، فان ظهر للطبيب ان الخشكريشة رقيقة ينبغى ان يضع فوقها محورا اشد حرارة من الاول ليزيد سمكها ثم يضغط عليها لمنع انفصالها بدفع نبض العرق.

 

( كي الرأس ) وكما يستعمل الكي المذكور فيما ذكر يستعمل ايضا في بعض امراض الدماغ كالصرع وماء الدماغ وبعض امراض اخرى مزمنة كأمراض السحايا والمخ ، والمحور المستعمل في ذلك هو المحورالحلقي ، وكيفية العمل به ان يحمى عليه الدرجة البيضا ثم يوضع على الرأس بعد حلقة ويبرم برما لطيفا فيغور في الانسجة ومن شدة الحرارة تستحيل القطعة المستديرة من الاجزاء الرخوة التى تكون في تجويف حلقة المحور الى خَشْكَرِيشة لكونها محاطة بالمحور من الجوانب والاعلى وهذه العملية تعمل في مدة بعض ثوانى وعندما يصل المحور الى العظم يجب رفعه لئلا يفسد السمحاق فيتسوس العظم . وبعد اتمامها يوضع على محل الكي رفادة قد غمست في سائل طيار كلايتير والنوشادر الممزوج بالماء وذلك لازالة ما تداخل في المحل من الحرارة لانها ربما وصلت الى باطن الجمجمة واحدثت التهابا في غشائها ، وبعد سقوط الخشكريشة يلزم وضع حمصة في الجرح لاستدامة نزف الصديد منه.

 

في حالة نسخ أي صفحة من صفحات هذا الموقع حبذا ذكر المصدرعلى النحو التالي
نقلاً موقع الطب الشعبي
الرجوع للصفحة الرئيسية