الحجامة عند داود الأنطاكي 1008 هجري
في كتابه النزهه المبهجه في تشحيذ الاذهان و تعديل الامزجه
قانون
الحجامه
وهي إستفراغ ما تحت سطح الجلد و تکون
بشرط هو الأصل و بدونه لأمر طارٍ کتحريک خلط و صرف ماده، و کل إما بلا نار و هو
الأکثر، أو بها لطارئ يوجب ذلک. و القول الکلي فيها: أنها تصلح للسمان وما تحيز في
الجلد وما نشب فيه من الدقاق، وأکثر ما يخرج بها الخلط الرقيق، و يجب إيقاعها وسط
الشهر لتزيد الخلط في ثانيه النهار أو ثالثته، و باقي شروط الفصد آتيه هنا.
ثم الأماکن التي تحجم إما
القمحدوه وتنفع أمراض العين ونحو السعفه، لکن تشوش الذهن وتعجّل الشيب ومن عکس هذا فقد
أخطأ، أو مقدم الرأس، ويليها في ذلك، أو
الأخدعين وتنوب عن القيفال*، بل هي أبلغ
في صحه الأسنان والعين والجرب والدمعه والرعشه، أوالنقره وتنوب عن الأکحل مع
مزيد نفع لأعضاء الوجه والرأس، لکنها تضعف الحفظ، أو الکاهل عوضاً عن الباسليق، لکنه أشد نفعاً في الربو
وضيق النفس وأمراض الصدر خصوصاً إن تسفلت، أو بين الکتفين، لکن تضعف المعده جداً
و قد توقع في الرعشه، و تحت الذقن لأمراض الحلق والأسنان واللسان وبثور الفم وقروح الرئه، أو على
القطن للبواسير و وجع الظهر والکلي والمثانه وأمراضهما
کالسلس والحرقه، أو على الرکبه لأمراضها، أو
الساقين لقروحهما ونحو المفاصل و
النقرس و صحه الدماغ بل البدن کله، و هي أجود موضع يحجم وأسلم غائله أو على
الکعبين بدل الصافن في نحو إدرار الطمث.
* يعني عن فصد القيفال
ومن الناس من يفضلها على الفصد؛ لأنها
لا تخرج أرواحاً ولا تضر برئيس ولا تستفرغ غير الواجب، کذا قالوه. وهو غير جيد
مطلقاً بل، الأمر عائد إلى القوه، وکثيراً ما توقع الحجامه في البرص ولو موضع
الشرط، و لأنها لو لم تخرج أرواحاً لما منعوها بعد الستين سنه منعاً کلياً
فإن قالوا: جوزناها للأطفال. قلت: لا
يدل لها ذلك علي شرف؛ لأنه ما جاز إلّا لأخراجها الدم الرقيق، وهو غير مؤثر في
النمو بخلاف الخارج بالفصد. و الکلام فيما يستعمل بعدها کما مر.
و اعلم أن الحجامه بلا شرط
قد تکون
لصرف ماده کفعلها فوق الثديين لقطع النزف ولتبيين الغائر من الأورام و تسکين
الأوجاع، کما تفعل فوق السره في القولنج و بين
الورکين للنسا، و لرد عضو خلع و
تسمين قصيف وتصريف ريح و جذب ماده عن شريف إلي خسيس، فلا تخص محلًا کالمشروطه.
نعم، وضع المحاجم على
المقعده بلا شرط
من أبلغ التدبير في إزاله الأعياء و البواسير و الکسل و اوجاع البدن کلها.
و مما يجري مجري الحجامه إرسال العلق.
قيل أول من استنبطه الهند لقله موادهم، و ريت ما يدل علي أن ذلك من أعمال الروم.
و القانون فيه: أن تختار من ماء جار أو
کثير الطحلب و تکون صغيره الرأس إلي إستدارهٍ أو طول أو دقه، حمراء الباطن يعلو
ظهرها خطان أخضران، و ما عدا هذه ردئ مسموم فليحذر منه، و ينبغي أن تُکب ليخرج ما
في بطنها و تغذي بالدم اليسير ثم يغسل الموضع و يدلک حتي يحمر و ترسل، فاذا امتلأت
ذر عليها بعض الأرمده أو الملح فاذا سقطت فإن أعقبت حرقه دل علي بقاء ماده فليبادر
إلي إخراجها بالحجامه.