الحجــامة

مختصر كتاب الدواء العجيب

مبحث في الحجامة والسرطان

 

للعلاَّمة العربي الكبير محمد أمين شيخو ولد في دمشق (1308هـ ـ 1890م)

 

الحجامة والسرطان (الورم الخبيث)

هذه دعوى العلاَّمة الجليل محمد أمين شيخو مكتشف الحجامة الطبية إلى الناس أجمعين ليسلكوا سُبل الوقاية ويتجنبوا بها وديان الشقاء والغواية؛ إلى شواطئ الأمان المفعمة بالغبطة الإلهية للناجين إلى صفوف الناجحين من فئات الأنبياء والمرسلين.

 

فبعدم تنفيذ الحجامة ماذا يحدث؟.

تتراكم وتزداد نسبة الكريات التالفة والهرمة و.. ويصبح لها فعل سلبي معيق للدم في جريانه(1)، فتُنقِص من نسبة التروية الدموية للأنسجة والأعضاء مما يضطر القلب بفعلها المعاكس إلى بذل مجهود أكبر Work Load من الضخ الدموي لتأمين حاجة الجسم المعتادة من احتياجاته.

وذاك الكبد انشغل بما ينوء به عن استطاعته بالشوائب الدموية مما أعاق وظائفه الكبرى لنقص صبيبه الدموي وأهمها وظيفته كمرشح لإزالة المواد السامة من الدورة الدموية (تحويلها لمواد يمكن إبعادها وإبطال سمّيتها).

 

أما الطحال فقد تدنى بمستوى أدائه لوظيفته المناعية التي تقتضي بإنتاج أضداد وتخليص الدم من العناصر الغريبة الأخرى كالجراثيم والطفيليات والفطور والأوالي بخلاياه البالعة وخلايا لمفاويات T (مناعة خلوية) وخلايا لمفاويات B (مناعة خلطية) وما لها من دور في المناعة عظيم. وكذا الكليتين تتراجعان في عملهما.

 

تبدأ هذه الأجهزة بالتراجع شيئاً فشيئاً في وظائفها عن وضعها الأمثل وهذا التراجع لا يشعر به الإنسان فجأة، إنما يكون بشكل غير ملحوظ حتى إذا ما وصل لسن متقدم ظهرت المشاكل.. والأمراض (إن نسبة السرطان عند الطاعنين بالسن هي أعلى نسبة مما هي عند غيرهم) وصار الجسم عرضة للأمراض أكثر بكثير من الذي ينفِّذ الحجامة والذي يكاد أن يكون بمعزل عن الأمراض.

 

أما المؤثرات الخارجية وتلك التي تؤدي للسرطان (الورم الخبيث) كالمواد الكيماوية والإشعاع.. والعوامل النفسية(1) (مثال البكاء إثر مقاساة.. صدمة نفسية وما تحمل الدموع معها ليعود ذلك على الإنسان بنوع من الراحة وهبوط في شدة الصدمة)، فبدلاً من أن يتصدى الجسم لهذه التغيرات الطارئة عليه.. وبهذه العوامل التي تعترضه يصبح ضحية لما تنتجه من خلل أكبر فيه.. وأخيراً تقوده هذه الظروف.. تقود بعض خلاياه في أماكن معينة للتكاثر بشكل غير مضبوطٍ بقواعد ونظم الجسم (التورم السرطاني) وكأن الخلايا هذه ثارت وتمرَّدت على الجسم المختل.. ثارت لما عانته من مؤثِّرات داخلية ناشئة في الجسم (مثلاً الجذور الحرة في الجسم التي لها تأثير سرطاني) لم يستطع تلافيها بأجهزته المختلفة.. ومن مؤثِّرات خارجية فعلت فعلها فيه وفي بعض خلاياه لم يستطع أيضاً الجسم درء نفسه منها وكانت النتيجة بهذه الثورة العارمة فيها ونشوء الورم (مثلاً التعرُّض الطويل للزرنيخ يؤدي لسرطان جلد، رئة، كبد).. هذا التنشؤ في الحقيقة عائد لـ: أولاً خلل الأجهزة بوظيفتها وخلل التوازن الهرموني في الجسم، ثم إلى ما زاد في هذا الخلل وفاقمه من عوامل خارجية فعلت فعلها ولم يستطع الجسم بأجهزته المختلَّة الرد عليها ودرءها، ثم إنه وعند تنشُّؤ هذه الخلايا الشاذة السرطانية لم يكن باستطاعة البدن التخلص منها أو التغلب عليها بجهاز مناعته لضعف هذا الجهاز وبقية الأجهزة نتيجة الظروف السابقة وقلة التروية الدموية للأعضاء والأنسجة بشكل عام وبالتالي يصعب التعرُّض للورم بالهجمات المناعية.

 

أمثلة توضح ما سبق:

مثال (1): الكبد يحوي خمائر بها يخرِّب المركبات السامة، مثلاً زيادة جرع الأدوية عن حدِّها، أو إعطاء مسن جرعة دوائية مماثلة لجرعة الشاب تؤدي لحصول تسمم بالدواء.. لماذا؟.

أحد الأسباب أن الاستقلاب(1) الكبدي لهذا الدواء لم يكن بكفاءة جيدة لأن كبد هذا المسن ضعف نشاطه الأنزيمي، أو قد يكون من الأسباب أن الكلية المسؤولة أيضاً عن إطراح هذا الدواء قد قلَّ نشاطها (المقاس بتصفية الكرياتينين) بتقدُّم السن فأدَّى لعدم انطراح الدواء وتراكمه بالجسم مؤدياً إلى تسمم.

مثال (2): الطفل الخديج (الطفل المولود قبل أوانه) استقلاب وإطراح المواد الدوائية مختلف عنه في الوليد الطبيعي لعدم اكتمال نمو أجهزته المختلفة فتبقى ضعيفة النشاط أو مختلة الوظيفة خاصة الكبد والكلية (أي عدم استطاعة جسمه الرد بشكل طبيعي على العوامل الخارجية.. الأدوية مثلاً.

مثال (3): كثير من الزمر الدوائية تتحملها الحامل ولا تتناسب مع الجنين فتؤدي إلى تأثيرات مشوِّهة للجنين.. لماذا؟.

لأن أجهزة الجنين ما تزال غير مكتملة لا تعمل بالشكل الصحيح؛ مضادات السكر التي تعبر المشيمة تؤدي إلى تشوهات الجنين..

فالتالبوتاميد (دواء لمرض السكري)  مئات ألوف الأجنة المشوهة في العالم.

أدوية الأورام (السرطان)  تشوهات بالغة في الجنين.

مضادات التخثر الذوابة في الماء تعبر المشيمة  نزوف حادة عند الجنين.

 

مثال: التسمُّم بالزرنيخ..

يدافع الجسم عن نفسه ضد التسمم بالزرنيخ بصور مختلفة: كالتقيؤ ـ قيام الكبد باحتجاز الزرنيخ وربطه إلى جزيئات بروتينية معينة فيغدو أقل سمية.

إن إطراح مركبات الزرنيخ يتم عن طريق: الهضم ـ الكلية (محاولة الرد على المؤثرات وتفاديها).

يقول أحد الأطباء المتخصصين: (..إن العضوية تتعرَّف على الخلايا السرطانية وتعتبرها غريبة عنها وبذلك تكوِّن الأضداد تجاه هذه الخلايا ساعيةً بذلك لضبط هذا التنشؤ الخبيث ومنع انتشار هذه الخلايا الخبيثة. يوجد توازن في معظم حالات السرطان بحيث يميل التوازن لصالح الخلايا السرطانية وبذلك يتقدَّم السرطان ويظهر إلاَّ أن سلالات من الخلايا الخبيثة تتكوَّن باستمرار طيلة الحياة ولكن تبعد بسرعة بسبب نشاط الحوادث المناعية في العضوية ويحصل السرطان فقط في حال ضعف هذه الوسائط المناعية في الجسم وهذه النظرية مهمة جداً..) .

 

نشأ الورم.. ازداد.. أصبح معيقاً للعضو الذي نشأ فيه ولربما انتشر عن طرق (الدم، البلغم، الأنسجة).. وحدثت الطامة الكبيرة.. فهذا السرطان ينمو عندما تتغلَّب خلاياه على جهاز المناعة، وجهاز المناعة في الجسم مرتبط ببقية الأعضاء لأنها كلها تتكامل مع بعضها بعضاً، فعندما يعمل الكبد بالشكل الأمثل.. بالكفاءة المعهودة منه ويخلص الجسم من سمومه بالشكل المطلوب.. ويفرز بما يحويه من الخلايا المصورية الغلوبولينات المناعية داعماً بذلك المناعة الخلطية أيضاً في جسم الإنسان ويؤمِّن تخزيناً جيداً لفيتامينات الجسم يُدعم الجسم بها عند الحاجة.. من وظائف هامة.

 

وكذا الطحال يقوم بدوره المناعي المهم جداً ودوره في الدم بالشكل المثالي.. والكليتان تصفيان الدم.. وتنظِّمان الأملاح في الجسم.. بكفاءة عالية.. عندها سيقوم الجسم تجاه كل المؤثِّرات الخارجية وسيحوِّل ما ينشأ فيه من سموم داخلية (ونواتج استقلابية) يبطل فعاليتها السمية ويطرحها، أو يطرحها قبل تراكمها في الأنسجة.. ويبقى الجسم معافى سليماً لا يؤثِّر عليه ولا تضعفه العوامل الخارجية، بل إنه ليتغلَّب عليها.

 

فليس الأمر ملقى على مناعة الجسم فقط، بل ملقىً ومسؤول عنه كل أجهزة الجسم، لأن المناعة وقوتها في الجسم مرتبطة أتمَّ ارتباط ببقية الأجهزة والأعضاء.. كله يدعم بعضه بعضاً وبالأساس وكما ذكرنا عندما تعمل هذه الأجهزة بكفاءتها العالية لن تسمح للعوامل والمؤثِّرات المولِّدة للسرطان أن تفعل فعلها في الجسم، بل ستتداركها وتبددها من الأساس وقبل أن تقود للسرطان، حتى يدخل أهمية وعمل جهاز المناعة الذي له دور المواجهة والتصدي فيما لو ظهر السرطان في الجسم.

 

فسبحان بارئ الإنسان على أبدع ما يكون من الكمال في تعامله مع المستجدات في الحياة وقد جعل له أدواراً وأطواراً من الأجهزة الدفاعية تحفظه من أمر الله وأوكلت أمرها في خطها ومسارها العام إليه يختار الخير ويميز النافع من الضار وما على الإنسان سوى تنفيذ وصايا ربه النفسية والجسدية ليهنأ ببهجة مكللة بتيجان الصحة وقد آوى قلبه إلى بارئه مطمئناً يتقلب في نفائس الإقبال على ربِّه بالوسائط المحمودة فهو من الدنيا قد غدا في جنة ولعرفانه بالفضل لأهله في الآخرة من الناجين.

 

وقد وجد الباحثون(1) أن إمكانية التعرُّض للإصابة بالسرطان لدى الأشخاص الذين عولجوا (أثناء عمليات نقل الكلى) بمواد مثبطة للمناعة تبلغ 35 مرة أكثر من الإنسان العادي. والباحثون الآن جاهدون في إيجاد طرق تستنفر الجهاز المناعي وتشحذه ليقضي على السرطان فهم يجرِّبون وسائط خاصة لتنشيط الدفاع في العضوية كإعطاء لقاح الـ BCG مثلاً.

 

ولكن ليس الأمر وكما ذكرت مسبقاً أمر المناعة فقط، بل الأمر يتعلَّق بمعظم أجهزة الجسم ككل.. فلقد ذهب العلماء يبحثون في شحذ مناعة الجسم لتتغلَّب على التورُّم ناسين الأمر الذي سمح بهذا الخلل ولم يدرأه، ناسين أن هناك ضعفاً عاماً في أجهزة الجسم فيجب تداركه، صحيح أنه علينا وقد أصبحنا حيال وقوع الكارثة أن نقوي القوة المواجهة (مناعة الجسم) ولكن أيضاً يجب علينا رفع جاهزية كامل الأعضاء لاستنفار كامل الجسم، وبذلك تزداد قوة مناعة الجسم ويستطيع الجسم دحر هذا المرض الخبيث بدون رجعة.. نكون بذلك قد اجتثثنا المشكلة من جذورها بالتغلُّب على الأسباب التي أدَّت لنشوء التورم الحادث.

 

الحل الوحيد هو الذي يرفع من جاهزية الأعضاء والأجهزة كاملة وخصوصاً جهاز المناعة لارتباطه ببعض أعضاء الجسم.. وهو حقّاً؛ الحجامة التي شرعها الله لعباده.

ومن الأدلة التي تربط خلل بعض الأعضاء بالسرطان:

مثال (1): سرطان الكبد البدئي وحسب الإحصائيات ، إذ يشاهد التنشؤ في (60%) من الأكباد المتشمعة و (10%) من غير المتشمعة فقد أظهرت إحدى الدراسات أن نسبة (61.3%) من السرطانات كانت متشمعة، وعلى كل حال إن (3%) من مرضى سرطان الكبد في أفريقيا كان لديهم التهاب الكبد البدئي، دون تشمع، فمشكلة التهاب الكبد البدئي هو السبب في حدوث سرطان الكبد البدئي وهناك علاقة كبيرة بين التهاب الكبد الفيروسي مع سرطان الخلايا الكبدية. في أمريكا تصل نسبة المصابين بالسرطان ممَّن فيهم التهاب كبد فيروسي إلى (74%)، وفي أوغندا وزامبيا (96%) والسنغال (93%).. الخ من الإحصائيات حول السرطان المصحوب بخلل كبدي.

وأخيراً وحسب هذه الإحصائيات تم الاستنتاج أن التهاب الكبد البدئي العامل الأهم لتطور سرطان الكبد.

 

إذاً فصاحب الخلل بالكبد يكون عرضة أكثر لسرطان الكبد البدئي من الصحيح الكبد.. إذاً أليس هذا يدعم ما ذكرنا من قبل.

 

وعندما تكون الحجامة وقاية ومعالجة للكبد.. ضد التهابه(1).. (والتجربة أعدل الشهود)، إذ عندما تزيد ترويته الدموية وتنقص عن كاهله الكثير من التالف والمقبل على التلف من الكريات الحمراء.. ونقوي الطحال في وظيفته (المزدوجة) ونخفِّف الضغط عنه ونقلِّل من الشوائب الدموية التي تلقي بعبئها عليه.. و.. هذا كله يقويه ويحفزه على الكفاءة العالية في عمله والتغلُّب على ما يعانيه (بالمساعدة الرئيسية الفعالة من جهاز المناعة) في الجسم ككل بشكل عام وبقوة نفس المريض لِما يهبه الله من قوة نفسية أثناء عملية الحجامة.. ليعود جسمه لوضعه الأمثل متغلباً على أعظم العلل.. وبهذه العودة للكبد لحالته الطبيعية نكون قد اتقينا ليس سرطان الكبد البدئي فحسب، بل ساهمنا في وقاية الجسم بشكل عام لما يقوم به الكبد من دور مهم في التخلُّص من السموم وتنقية الدم (كمرشح للدم) وعمليات استقلابية.. كاستقلاب الفيتامينات وتحويلها للشكل الفعَّال في الجسم وما لها من دور عظيم في حياة الجسم وعملياته الاستقلابية الأخرى كوسائط لهذه التفاعلات.. فهذا (vit C) فيتامين ث وكم له من دور عظيم في تقوية جهاز المناعة في جسم الإنسان الذي يقوى على السرطان حتى راح العلماء يبحثون فيما إذا كان (vit C) دواء للسرطان، إذ لاحظوا أن مرضى السرطان يبدون نقصاً في فاعلية آلية الدفاع المناعية الطبيعية عندهم ولديهم مخزون منخفض تقريباً من فيتامين ث في كرياتهم البيض اللمفاوية..

 

مثال (2): تجربة فشر وفشر(2) Fisher and Fisher عام 1969: حقن 50 فأراً (لكل منهم) بخمسين خلية من خلايا السرطان الخبيث جداً ووجد العالمان أن الفئران التي تركت على حالها لمدة عشرين أسبوعاً بعد الحقن لم تظهر عليها أعراض الإصابة بالسرطان، أما الفئران التي أجريت لها عملية فتح البطن فقد نما فيها السرطان بعد مدة قصيرة من الجراحة بما في ذلك الفئران التي ظلَّت خلايا السرطان بها قبلاً في طور السبات لعدة شهور.

لماذا حدثت هذه النتيجة؟.

 

الحقن بالخلايا السرطانية للفئران وتركها على حالها (بدون شق بطن) يعني؛ لا خلل في جسمها وأعضاؤها فاعلة وهرموناتها متوازنة متوفرة وتحصيل حاصل جهازها المناعي بكفاءة عالية لم يسمح للمرض بالنمو والانتشار، إذ أن عوامل نمو وانتشار المرض مغلوبة وغير موجودة وذلك لصحة أجسام الفئران وقوة فاعلية جهازها المناعي.

 

أما لمَّا حدث شق بطن فهذا أدى لإنهاكٍ عام؛ فمن المعروف في علم الجراثيم أن العمل الجراحي(1) يساعد على زيادة القدرة الإمراضية للجرثوم، فالعملية الجراحية تستدعي اتجاهاً معيناً لترميم الجرح ويسعى الجسم بفعاليته لترميم الجرح الحادث وجهاز المناعة يسعى للتغلب على ما حدث خلال العملية كالتلوث بأجسام غريبة.. الخ من عمليات بيولوجية تحدث عند العملية هذه وبعدها، وهذا الاتجاه نتيجة العمل الجراحي الذي استقطب جهاز المناعة وغيره كالكبد في إنشاء الحموض الأمينية للترميم ولدعم بناء الكريات الحمراء وعناصر الدم الأخرى لتعويض المفقود إثر الجراحة، وهذا من كمال خلْق الله تعالى لعامة الأجساد (كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى)، كما أن سوء التغذية الحاصل لفقد الشهية إثر العمل الجراحي وأثره في خفض سوية أعضاء وأجهزة الجسم عامة، كل هذا مجتمعاً يؤدي لإعطاء الفرصة لهذه الخلايا السرطانية المزروعة بالتكاثر.

 

دور الجهاز المناعي في مقاومة السرطان:

وللجهاز المناعي في جسم الإنسان دور هام في مقاومة السرطان في كلا المعنيين:

1) المعنى الوقائي للجهاز المناعي القادر على تدمير أي نمو سرطاني في مرحلة باكرة.

2)         والمعنى الآخر هو معنى الحماية وذلك بتأخير نمو الورم السرطاني المؤسس حقيقةً.

ومثال الفئران السابق يتضمن معنى الحماية، إذ الورم السرطاني المؤسس أوجده العالمان (زرعاه بأجسام الفئران) ولم يَنْمُ بسبب فعل الحماية للجهاز المناعي (والذي إن لم يتعرَّض الجسم لأخطار ومشاكل تضعفه لا بد إلاَّ وأن يتغلب ويصل للمعنى الوقائي فيدمِّر الخلايا السرطانية المزروعة بلا رجعة). ولكن لمَّا قاما بشق بطون الفئران أدى ذلك لتخفيض فعل الحماية وذلك لانخفاض مستوى المناعة وغيره من أفعال الحماية والحياة في الجسم الذي ضَعُفَ بفعل شق البطن (وفقاً لِمَا تمَّ شرحه من قبل) إلى حد تغلَّبت فيه الخلايا السرطانية على جهاز المناعة وتكاثرت محدثة التورم السرطاني.

 

مثال (3): المرضى الذين أُعطوا جرعات دوائية لفترات طويلة بهدف إخماد أجهزتهم المناعية بسبب نقل عضو لأجسامهم لسبب أو آخر ينشأ عندهم ارتفاع في نسبة أنواع سرطانات معينة. ويميل مرضى السرطان لأن تكون عندهم قدرة مناعية منخفضة إذا ما قيست باختبارات وحدة القياس أو المعيار.

 

مثال (4): وجد بيرينو(1) Peraino وأقرانه أن إطعام الفئران مادة أستيل أمين الفلورين AAF بكميات صغيرة لمدة 3 أسابيع فقط لا يتسبَّب في نمو أورام تذكر على الرغم من أن هذا الأمين من المواد الفعَّالة في إصابة القوارض بالسرطان.

 

لماذا لم يتسبَّب بالسرطان؟.

لأن أجهزة الفئران بشكل عام تعمل بشكل مثالي (كبد، طحال، كلية.. جهاز مناعة..) وتستطيع الرد على الآثار التي تنتجها هذه المادة في جسم الفأرة أو بتعبير آخر تستطيع التخلُّص من هذه المادة السرطانية ومن أفعالها داخل العضوية الحية بشكل ما دون أن تسمح لها أن تفعل فعلها مؤدية بآخر المطاف للتورم السرطاني، وحتى أنه فيما إذا نشأت خلايا سرطانية فإنها لن تنجو من الفعل الوقائي الفعَّال، إذ سيدمِّرها قبل أن تتطور لورم.

 

ولكن إذا تبع التغذية بالأمين السابق إضافة الفينوباربتال PB وهي مادة منوِّمة إلى غذاء هذه الفئران لمدة تصل إلى (3) أشهر أو أكثر فإنها تصاب بالسرطان الكبدي بنسبة (100%) بعد مضي أشهر فقط.

 

لماذا؟. لأن استعمال المنوِّم مدة 3 أشهر يعني أن هناك تهدئة كاملة لكل أجهزة الجسم وأعضائه، إذ النوم أو الهدوء العام يرافقه هدوء الدورة الدموية(1) وقلة تروية للأعضاء (وتنخفض فاعليته وغيره.. تجاه المادة المسببة للسرطان).. ويقل نشاط الكبد بالنوم عن اليقظة.. فهناك تهدئة كاملة لجهاز المناعة، جهاز الدوران، كبد، طحال.. وهذا الوضع من الراحة وقلة نشاط الكبد لا يمكِّن الجسم من التخلُّص من AAF وما تنتجه من آثار في جسم الفأر وتستطيع المادة المسبِّبة للسرطان القيام بفعلها لمَّا ضعف نشاط الأعضاء بشكل عام وضعفت التروية الدموية لنسجه وتراكمت المادة AAF وتراكم ما تنتجه من خلل في الجسم.. في الخلايا.

وقياساً على ذلك: فالحجامة فعلها من هذا الجانب معاكس تماماً في جسم الإنسان لعمل هذا المنوِّم (النوم) في جسم الفأر.

 

فتنفيذ عملية الحجامة: يعني بقاء أجهزة الجسم بحالتها المثالية أو العودة بها قدر الإمكان لحالتها المثالية إن كان هذا الإنسان قد أهمل تنفيذ الحجامة لسنوات فائتة، ونتفادى كل المشاكل التي كان الجسم يعانيها من ضعف نشاط أجهزته ولَمَّا يعود الجسم بأجهزته لحالتها المثالية ويُنَظَّفُ الدم من شوائبه وعسراته (كريات حمراء تالفة وشوائب دموية مختلفة).. يستطيع الجسم تصريف السموم التي يتعرَّض لها وإن كانت من المتناول بشكل عفوي.. عارض (أدوية، أطعمة، أشربة).. أو عن طريق التنفس (غازات.. أدخنة..).. أو إشعاعي (إشعاعات وذلك بتأثيرها على محتويات الخلية ومركباتها الكيماوية ونواتج الاستقلاب فيها). ويستطيع التصدي لعمل هذه السموم (العوامل المختلفة).. فالكبد ينقِّي الدم من السموم ويحوِّلها مثلاً لمركبات غير سامة يسهل طرحها.. الخ.. وجهاز المناعة بشكل عام يقوم بعمله على أتمِّ وجه إذ أن الطحال قد تفرَّغ لهذه الوظيفة ونشط في أدائها.

 

ذكرنا من قبل كيف أن الطحال يتخلَّص من الشاذ من أشكال الكريات.. والكريات الهرمة.. وذلك بالجملة الشبكية البطانية ولكن لما تمت الحجامة وزال عبء كبير عن الطحال (تخليص الجسم من الهرمِ والتالف من الكريات) عندها ينشط دور الطحال المناعي في إنتاج الأضداد ودور الجملة الشبكية البطانية في الطحال وفي الجسم بشكل عام في تخليص الدم من العناصر الغريبة كالجراثيم والطفيليات والفطور والأوالي.. إذاً والجوَّال في الدوران من الخلايا السرطانية.

 

ويقوم الطحال بوظيفته المناعية بما يحويه من خلايا بالعة وخلايا لمفاويات T المسؤولة عن المناعة الخلوية وخلايا (لمفاويات B) المسؤولة عن المناعة الخلطية بتحولها لخلايا مفرزة للغلوبولينات المناعية.. وأيضاً ينظِّم الطحال انطلاق عناصر الدم من النقي بإفرازه لهرمون يؤثِّر على النقي.. وما لهذا الأمر من دور كبير في المناعة.

 

والكبد كما ذكرت من قبل والكلية بتنقيتها الدم من بعض سمومه أيضاً.. وإعادته لحالته المثالية.. والجهاز العصبي الذي يعمل بكفاءة عالية، فالمراكز العصبية يأتيها وارد دموي كافٍ فهي نشيطة وتؤدي كامل الأعضاء والأجهزة في الجسم وظائفها بكفاءة، والكل كامل متكامل يشدُّ بعضه بعضاً، وهذا كفيل بأن يجعل من هذا الجسم البشري حصناً حصيناً ضد كل العوامل الخارجية التي يتعرَّض لها الإنسان إن كان خلال عمله أو خلال ممارسته حياته بشكل عام.. في الشارع.. في المنزل.. فالله تعالى خلق هذا الجسم ويعلم ما يحيط به ويجابهه فقد جعل فيه من الإمكانيات للتصدي لكل العوامل الخارجية المؤثِّرة عليه بذاته، هذا إن كان بوضعه المثالي الذي شُرِّع له وذلك باتباع النصائح الربانية.. كالوصية التي نحن بذكرها الآن (الحجامة).

 

فالوقاية كل الوقاية من هذا الخطير المميت هو الحجامة، ولو أن الإنسان بدأ بتنفيذها السنوي منذ السن القانونية لها لما أُصيب بهذا المرض حتماً وخصوصاً إن كان مبتعداً عن الآثام والمعاصي التي لا يأتي منها إلاَّ أعظم الأمراض وأخطرها.

 

وإليك بهذه النسبة لتعلم أن الله لم يترك الإنسان عرضة للأخطار، بل درأها عنه بكلِّ الوسائل والتجهيزات.. فلقد وجد أن نسبة الإصابات السرطانية الكبدية بين الذكور إلى الإناث تساوي (4-6) ذكور مقابل أنثى واحدة، وهذا ما لا يخفى علينا: إنه أثر الدورة الشهرية الوافي والمحافظ على فعالية الأجهزة عامة، أما الرجال فلقد شرع الله لهم الحجامة على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ولو أنهم اتبعوا أمره تعالى هذا لما كانت هذه النسبة المرتفعة في إصابات الذكور، فالأمر كل الأمر عائد لك أيها الإنسان فأنت بيدك تكتب مصيرك صحةً أم مرضاً.

 

فيا أيها الناس إن رمتم وقايةً.. ودرهم وقاية خير من قنطار علاج (هذا إن كان العلاج موجوداً فكيف والعلم البشري لم يتوصل للعلاج الناجع بعد!!.).. ولكن ما أنزل الله من داء إلاَّ وأنزل له دواءً فعليكم بالحجامة والصدقة فهي بركة وخير دواء. وإن أردتم الحفاظ على صحتكم وحياتكم.. من أمراض هذا العصر الفتاكة فما عليكم إلاَّ العودة لوصية خالق هذا الجسم العليم الأعلم بأسراره.. وعلى رأسها الحجامة.

 

ولكن ربَّ قائلٍ يقول: لقد فات الأوان وحصل ما حصل وكما يقول المثل العامي: (وقعت الفاس بالراس) وأصيب الإنسان بالسرطان فماذا عليه أن يعمل؟.

نقول: عليه أيضاً الرجوع للحجامة لتكون له أمثل دواء.. فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلاَّ وحيٌ يُوحى قال عنها أنَّها لكلِّ داء. فإذاً هي حتماً لكل داء، ولكن إذا كنت (لاسمح الله) ممَّن يعاقر الخمرة  ويرتكب صنوف المعاصي.. ثم تأتي لتحتجم قائلاً هكذا قال الرسول أنها لكل داء.. نقول:

أيها الإنسان لا مانع تعال واحتجم، طبِّق الوصية الإلهية ولكن قبل أن تُقدم على تطبيقها على نية الشفاء اقرنها بالتوبة عمَّا أنت فيه سادر.. تب عن المشروب .. تب عن المعاصي والآثام.. وأقدم على الحجامة عندها يشفيك الله ليس من السرطان فحسب، بل من الأخطر منه من أمراض (الإيدز).. فهذه جماعة (المورمون) الأمريكية التي تقطن جنوب كاليفورنيا لا يشربون الخمر، دلَّت الإحصائيات عندهم أنهم لا يصابون بالسرطان، فلماذا بقية مواطني أمريكا مثلاً يصابون (يُقدَّر حالياً بأن السرطان سوف يهاجم (50) مليوناً من الناس من أصل (200) مليون أمريكي على قيد الحياة في الوقت الحاضر)(1) وجماعة المورمون لا يصابون!!.

 

الجواب واضح ولا تظنَّن أيها القارئ أنني مبالغ في كلامي، فوالله ما أقوله هو الحق.. والدليل العملي واقع حادث، فالحجامة لا تقتصر على الأمور المادية المتعلِّقة بالجسم البشري، بل إنَّ لها حدوداً أبعد من هذه الحدود وأعمق بكثير، إذ أنها تقوِّي النفس.. تقوِّي عزيمة الذات الشاعرة المسيطرة على هذا الجسم وأجهزته.. إذ فيها (الحجامة) يصبُّ الله من أنواره في قلب هذا الإنسان سواءً شعر أم لم يشعر، لكنه مهما تدنَّى به الشعور سيشعر بقوةٍ معنوية تدب في قلبه وبها من الله يتغلَّب على الأمراض مهما كان نوعها.

 

ولقد سمعنا الكثير الكثير عن الشفاء العفوي Autotherapy لأمراض عِصِلَّة ولربما كانت هذه التسمية خاطئة (الشفاء العفوي)، فهو ليس عفوياً، بل ضمن سنن وقوانين إلهية وهو تدخُّلٌ لقدرة الله مباشرة في شفاء هذا الإنسان الذي التجأ لله.. التجأ لعلم الله العظيم.. وتلك سنةٌ جارية وحقيقة مؤكدة، لأنه إن كان جرثوماً فحياته بالله، وإن كانت خلية متمردة فهي بيد الله.

 

والآن نقول إن معظم طرق المعالجة لا تحدث إلاَّ وكما يقولون إطالة عمر المريض.. فيقولون: عاش المريض أشهر .. سنة.. سنتين .. 3 سنوات.. بعد المعالجة ، ومن إحدى طرق المعالجة المعتمدة حديثاً والتي يحاول العلماء تطويرها هي العلاج المناعي:

فعلى سبيل المثال: من النظريات المقولة في سرطان الكبد أنه قد يكون لنمو الورم علاقة بحجز المضيف له من إنتاج استجابة مناعية كافية لحل عدد كافٍ من الخلايا الورمية وبالتالي فالمبدأ في العلاج:

يمكن تحريض الاستجابة المناعية النوعية بوساطة الخلايا القاتلة المفعلة باللمفوكينات المنتجة التي تَنْتُجُ عن طرق معالجة الخلايا وحيدة النوى للمريض بالغاما انترلوكس، ويتم عندئذ حل الورم. وكما قلت فهذه الخطوة لا تزال في مراحلها الأولى.

ويبقى الأنترفيرون فيما إذا أُعطي بالكميات المطلوبة لمعالجة سرطان الخلية الكبدية عند الإنسان شديد السُمية(1)، ولكن أعود لأقول أن تنشيط جهاز المناعة وحده لا يكفي، وإن كفى في بداية الأمر واستطاع القضاء على السرطان فاحتمال عودة السرطان وخطر الانتكاس كبير لأننا لم نُزِل السبب الرئيسي للسرطان ونقوي أجهزة الجسم على العموم.. لم ننقِّ الدم وننظفه من شوائبه.. لم ندفع الجسم ليحصِّن نفسه تجاه مسبِّبات السرطان.. أي أننا لم نُزل السبب والأساس الذي نشأ عليه وبه السرطان.

 

انتشار الورم:

1) ينتشر الورم إما عن الطريق اللمفاوي من عقد قريبة من الورم لعقد أبعد، والعقد اللمفاوية تشحذ المناعة في المضيف ويلاحظ تضخم العقد اللمفاوية القريبة من التورم، ويستنتج من ذلك أن فعالية المقاومة ضد الورم المجاور قد شحذت. ويعتقد (بيرج) ومعاونوه أن حظ مرض سرطان الثدي في الشفاء يكون أفضل في حالة تضخم العقد اللمفاوية تضخماً لا سرطانياً عن بقاء العقد بغير فعالية.

 

2)         وعن طريق الدورة الدموية تنتقل الأورام أيضاً، وأثبتت الدراسات أن خلايا الورم في الدورة الدموية التي تنجو لتصبح انبثاقاً خبيثاً لا تتعدَّى (0.01%) من مجموع خلايا الورم وهذا كله يعود لفعل المناعة القوي بالوسط الدموي.

فكم للحجامة من أهمية، إذ بزوال الكريات الحمراء الهرمة المعرقلة لسير الدم وعناصره الأخرى تصبح هناك حرية أكبر وتفرُّغ أكثر لفعل الكريات البيضاء المختصَّة بمهاجمة خلايا الورم في الدم.

 

هناك عوامل كثيرة يمكن أن تقلِّل من انتشار الورم كالعقاقير المضادة للسرطان وهذه تؤثر مباشرة على خلايا الورم، والعوامل المانعة للتجلُّط الدموي.. لماذا؟.

لأنه بزيادة الميوعة الدموية تزداد حرية حركة الملتقمات في الدم وحرية الخلايا اللمفاوية.. أي يزداد فعل جهاز المناعة نشاطاً ويزداد تعرُّض الخلايا (التي ستنتقل من الورم) لجهاز المناعة (خلاياه)، وهذا ما يمنع انبثاث الورم.. ألا وهو تقوية فعل جهاز المناعة بفعل الميوعة الدموية وهذا يتحقَّق بالحجامة التي تقلِّل فعل التجلط الدموي وتقلِّل لزوجة الدم وتزيد ميوعته مسببةً زيادة تعرض خلايا الورم لجنود جهاز المناعة (ملتقمات، لمفاويات..) وتسبِّب أسباباً أخرى في جهاز المناعة سنبحثها فيما بعد. كل ذلك يزيد فعل المناعة في جسم الإنسان ويُحسِّن من وظائف الأعضاء ليتغلَّب الجسم على المرض ويدحره وخصوصاً بقوة النفس التي يكتسبها المحجوم.

 

فما قالوا عن المناعة ودورها ضد الانبثاث (انتشار الورم): يعتقد الباحثون أن جهاز المناعة الطبيعي في الجسم يُدمِّر خلايا الورم المنتشرة ويؤكِّد آخرون أن جهاز المناعة يبقى مستنفراً طوال الوقت يترقَّب خلايا الورم لاكتشاف مكانها وتدميرها.

 

وتشكل فعالية جهاز المناعة تجاه تكوُّن الأورام الخبيثة أحد العوامل التي تؤثِّر على انتشار الورم في المضيف.. هذا وقد ظلَّ الباحثون لسنوات طويلة يخامرهم شعور بأن بعض خلايا الورم المنتشرة تدمرها آليات مناعة معينة.. وهناك من يرى أن الخلايا التي تَفْلَتُ (تنجو) من جهاز المناعة بين الفينة والأخرى هي التي تتأثر لتصبح سرطاناً سريرياً.

 

ويتدخل في المناعة ضد الأورام الكريات اللمفاوية التي يُنتجها الطحال والغدد الصعترية لإنجاز المناعة ضد الورم ودحره.. وعلمنا من قبل كيف ينشط الطحال بوظيفته المناعية في الجسم بعد الحجامة والعقد اللمفاوية، كذا تنشط العقد اللمفاوية في إنتاج هذه الكريات في وظيفتها المناعية.

وهناك ممَّن له دور رئيسي في القضاء على الورم وهي الملتقمات (مفردها: ملتقمة Macrophage) وهي خلايا سيارة تعمل على التهام وهضم الأحياء الدقيقة والأجسام الغريبة.

 

عندما تميز الكريات اللمفاوية المولدات المضادة للورم فتطلق جزيئات تستقطب بقية خلايا المناعة ومنها الملتقمات فتتجمَّع مع الورم وتساعد في الخلاص منه. بالحجامة: شحذ جهاز المناعة بشكل عام في الجسم وزيادة التروية الدموية فيتيسر وصول الخلايا المناعية لمكان المرض ويزداد تعرض الورم لفعل المناعة.. وزيادة عدد الخلايا المناعية الناشئة من نقي العظام، إذ بهذا التداوي تحريض للنقي وتنشيط لعمله المولد، وسحب عدد كبير من الكريات الحمراء الهرمة من الدم يؤدي إلى تنبيه نقي العظام لتعويض المسحوب من الدم الفاسد، وليس التعويض محصوراً بالكريات الحمراء، إنما ولمَّا كان الجسم بوضع يستدعي خلايا مناعية دفاعية كالملتقمات ليُهاجم الجسم الغريب (سرطان) فإن تمايز خلايا الدم البدئية (الجذعية) يسير باتجاه تشكيل كريات بيضاء بشكل مناسب ليقوم بسد المطلوب منه لمجابهة الورم.

 

كما أن الطحال ينظِّم انطلاق عناصر الدم من النقي فهو يقوم بعمله هذا بكفاءةٍ عالية وذلك بإفرازه لهرمون يؤثِّر على النقي، فهو يستشعر بعدد الخلايا الدموية المارَّة فيه أثناء مرور تيار الدم فيه فيحرِّض على زيادتها بهرمونه المفروز، ثم وعلى اعتباره أكبر غدة لمفاوية ذو علاقة وثيقة ومهمة بمناعة الجسم، إذ أنه يستشعر بالأجسام الغريبة وعلى هذا الأساس ينظِّم انطلاق وعدد الخلايا الدفاعية المناعية من نقي العظام التي يتطلَّبها الجسم ليجابه الجسم الغريب (خلايا الورم).

 

وليس أمر الدفاع في الجسم مناعياً فقط فالمكونات الأساسية المسؤولة عن الدفاع في الجسم عند الإنسان الطبيعي هي مناعية وغير مناعية وتشمل عناصر الدفاع غير المناعية الحواجز الخارجية القائمة في وجه دخول عناصر ممرضة وهذه الحواجز هي آلية وخمائرية مثل كثيرات النوى المعتدلة ووحيدات النوى الجائلة في الدوران والخلايا البالعة الثابتة، ولقد بات من الواضح أن هذه العناصر الخلوية تعمل بنشاط في حال غياب الجواب المناعي، ولكنها تكون أنشط في حال وجود هذا الجواب.

 

وبالحجامة زاد نشاط وتفرُّغ الطحال لفعله المناعي الدفاعي بما يحويه من كريات لمفاوية وبما يحوي من خلايا بالعة وخلايا T المسؤولة عن المناعة الخلوية وخلايا B المسؤولة عن المناعة الخلطية.

 

وكلا المناعتين (الخلوية والخلطية) تساهمان في القضاء على التورم، فالمناعة الخلوية تدخل في رفض العضو الغريب عندما يتثبت على الأنسجة بحيث يكون بمنزلة مولد ضد لعضوية لا تحويه فيحصل تفاعل تدخل فيه اللمفاويات الصغيرة الممنعة تجاه هذا العضو الغريب ويكون نتيجة ذلك الرفض (خلايا الورم تعتبر عنصراً غريباً).

 

ثم إن ما ذكرنا من قبل حول أهمية موانع التجلُّط تدعمه إحدى النظريات الحديثة القائلة بأن الخلايا السرطانية تميل لتشكيل شرنقات من الليفين (البروتئين الموجود في الخثرات الدموية). تلك التي تحمي الخلايا من كشفها وتخريبها، وثمة احتمال في إمكان إعطاء هذه الآلية في حماية الخلايا السرطانية باستعمال أدوية مضادة للتخثُّر وفي الحقيقة هناك العديد من التحريات التي سجَّلت ملاحظات تجريبية اختبارية على أن استعمال مضادات التخثُّر مثل الهيبارين والوافارين يؤدي إلى تأخير مقيد في سير السرطانات الحيوانية والإنسانية وإن تأثير هذه المواد المضادة للتخثُّر هو بمنزلة إزاحة القناع عنها حتى يسهل تعريضها للهجمات المناعية.

 

إذاً بعد الذي ذُكِر أليست الحجامة تساهم أيضاً بهذه الآلية وهي الآلية المضادة للتخثُّر، إذ تجعل الدم بصورة مائلة للميوعة أكثر عما كان عليه قبل تطبيقها وتضاد تخثُّره وذلك لمَّا سحبت منه أعداداً كبيرة معوِّقة من تالف الكريات الحمراء وغيرها.. فقللت لزوجته وجعلت تعريض السرطان للهجمات المناعية أكثر سهولة مما هو عليه قبلها بكثير عدا عن الآليات الأخرى في إصلاح أجهزة الجسم ورفع كفاءتها وكفاءة جهاز المناعة بزيادة عدد عناصره المناعية (خلايا) والنوع الواجب وجوده.. ليتم تمايزه ووجوده حسب الطلب.

 

نـمــــوذج:

ـ السيد (م.د.س).. مصاب بيرقان انسدادي بفعل كتلة خبيثة تسد القناة الجامعة.. أجريت له عملية الحجامة فزال الورم نهائياً وعاد يمارس حياته بشكل طبيعي.

ـ السيد (م.ح).. مصاب بورم خبيث في البروستات واضطر لاستعمال القثطرة البولية.. أجرى له الفريق الطبي عملية الحجامة فزال الورم تماماً واستغنى عن

 

وقبل أن ننتقل لتساؤل يعترض طريقنا سنستعرض بعض العناصر المناعية:

أولاً: هناك نوعان من اللمفاويات (كريات بيض لمفاوية) في الأعضاء اللمفاوية المحيطية:

1)         لمفاويات ب B. Lymphocyte مشتقة من خلايا جذعية في نقي العظام عند الثدييات (دور الحجامة في تنشيط نقي العظام وتأمين الكفاية من لمفاويات ب) وتتميَّز هذه اللمفاويات بتركيز شديد لجزيئات غلوبولونية مناعية على سطحها (دورها في المناعة الخلطية).

2)         لمفاويات ت T. Lymphocyte مشتقة من التيموس(1) لا تحوي على غلوبولينات مناعية غشائية (فهي مسؤولة عن المناعة الخلوية).

اللمفاويات (ب) تتحوَّل لخلايا مصورية.

 

إن الخلايا الأساسية الابتدائية مصدرها نقي العظام على الغالب، حيث تتكاثر وتكتسب صفات خاصة بحيث تتمايز وتصبح خلايا مناعية، ثم تتوزع في المحيط وتعمر العقد البلغمية وهذا ما يوضح دور عملية الحجامة الكبير في كونها تنشِّط نقي العظام في إنتاج هذه الخلايا المناعية التي تغطي حاجة الجسم . ففي حالة السرطان يحتاج الإنسان لهذه التغطية لكي يستطيع جسمه (جهازه المناعي) رد التورم ودحره.. وهذا ما  يجعلها دواء أيضاً لكل الأمراض الفيروسية والجرثومية مثل: ( السل، التهاب الكبد الفيروسي، ذات الرئة..)، ولو كان الإنسان مداوماً عليها (الحجامة) سنوياً فلن تستطيع الأورام التغلُّب على مناعته والتنشؤ.. حتى أنه أساساً بكفاءة أجهزته وأعضائه العالية لا يسمح لعوامل السرطان بتأثيرها المنشئ للسرطان، وحتى لو حصل ذلك فجهاز المناعة بالمرصاد.

 

ثانياً: إن الخلايا المصورية الناشئة من لمفاويات ب هي التي تصنع الغلوبولينات المناعية.. كل خلية تصنع نوعاً واحداً من الغلوبولينات. والغلوبولينات المناعية هي المسؤولة عن المناعة الخلطية وهي خمسة أنواع: (Igg - IgA - IgM - IgE - IgD) تفرزها الخلايا المصورية الموجودة في لب العقد البلغمية ولب الطحال والكبد والنقي.. فأساس هذه الغلوبولينات إذاً هو نقي العظام، إذ تتولَّد فيه اللمفاويات ب التي تتحوَّل لخلايا مصورية والتي تصنع هذه الغلوبولينات، وهذا يُظهر دور هذا التداوي الكبير في تنشيط صنع الغلوبولينات وتقوية المناعة الخلطية .

 

فلقد لوحظ قصور المناعة الخلوية والخلطية في حالات الأورام الخبيثة.. وكذا تنخفض مقادير الغلوبولينات المناعية في الحالات المرضية الشديدة وكذلك في الأمراض المؤدية لضياع البروتينات المصلية.

فإذاً: كم للحجامة من دوْر كبير في التغلُّب على هذه الأمراض بدعم الجسم بهذه الغلوبولينات وتعويض النقص فيتغلَّب جهاز المناعة على هذه الأمراض.

ثم إن الجواب المناعي الذي تعتمد عليه المناعة الخلطية لتعمل عملها أولاً، ثم بشكل أقل المناعة الخلوية.

هذا الجواب المناعي متعلِّق بحسن قيام بعض الأعضاء بوظائفها، وهذا يُظهر دور الحجامة أيضاً في توفير هذا الجواب المناعي وتأمين عمل الخلايا المناعية.

 

الجواب المناعي: اللمفاويات الصغيرة تتعرَّف على الجسم الغريب (مثل الخلية السرطانية جسم غريب)، وتعود هذه اللمفاويات الصغيرة حاملة التنبيه والإشعار بذلك إلى العقد البلغمية أو الطحال فيحصل تكاثر فيها بحيث تتحوَّل إلى خلايا مناعية مصنعة، وبعد هذه المرحلة تتقسَّم الخلية المناعية المصنعة إلى عدد من الخلايا اللمفاوية الصغيرة الحاملة لنفس الذكرى المقابلة التي كانت تحملها سالفتها. فهذه العملية من بدء التعرُّف على الجسم الغريب إلى انقسام لمفاويات صغيرة تحمل نفس الصفة (تتوضع في كل أنحاء الجسم وفي العقد اللمفية، الطحال وقسم يبقى جوالاً بالدم) تسمَّى الجواب المناعي. وهو يعتمد ويتعلَّق حدوثه وسرعته بحسن قيام بعض الأجهزة بوظائفها، وهذا ما يوضح دور هذا التداوي الكبير في المناعة الخلطية وكذا الخلوية وذلك لمساعدتها أيضاً بتوفير الجواب المناعي.

 

ومن العوامل المؤثرة في تصنيع الأضداد:

ـ عوامل مساعدة: (زيوت ـ ماءات الألمنيوم ـ أملاح الكالسيوم..).

ونتيجة لما ورد عن الحجامة في هذا المجال يمكننا أن نعدّها من العوامل المساعدة على اصطناع الأضداد عند حاجة الجسم لذلك.

ـ عوامل مثبطة:

1)         الأشعة: خاصة أشعة x تثبط تصنيع الخلايا في النقي فتؤدي لتثبيط تصنيع الأضداد (الحجامة تعمل العكس تماماً).

2)         المواد المضادة للانقسام الخلوي.

3)         المصول المضادة للمفاويات: تعطى عند زرع الأعضاء.

4)         عوز (a) غلوبولين الولادي.

5)         كورتيزون.

6)         فرط نشاط (a) غلوبولين: فرط نشاط سرطاني (داء والدستروم).

وبشكل عام فإن الحجامة تنشط إنتاج جميع العناصر المناعية بما يتوافق وحاجة الجسم لها، فهي تحرِّض النقي لإنتاج خلايا الدم البدئية ويتحدَّد تمايز هذه الخلايا بحاجة الجسم لها.. وتنشط الغدد اللمفاوية والطحال والتيموس والكبد.. وليس فقط الغاية هو تنشيط نقي العظام، بل رد الأعضاء(1) لحالتها المثالية الفعالية وبذلك ينتظم الإفراز الهرموني ويتوازن في الجسم ويتقي بذلك الجسم كل الأمراض أو يتخلَّص مما أصابه من مرض بعد أن رُفِعت جاهزية كل الأجهزة والأعضاء.

 

رُبَّ قائل يقول: فما بال الذين يصابون بالسرطان قبل وفي سن الشباب وما بال النسوة اللاتي يُصبن قبل سن اليأس، طالما أن الدورة الشهرية (الحيض) بالنسبة لهن تعوِّض عن الحجامة.

للجواب عن هذا التساؤل نقول:

بالتأكيد أن هناك أسباباً تحد وتُنقص من كفاءة الأجهزة والأعضاء وجهاز المناعة.. حتماً إن هذا المريض يتعاطى(2) أموراً ويعرِّض جسمه لأمور وعوامل تضعف من أجهزته وتقلِّل من كفاءتها، مثلاً: كتعاطيه للمخدرات وشرب الخمور، وما تولِّده في جهاز المناعة، في الكبد.. في.. من آثار فتَّاكة.

وكذلك الرضوض النفسية والضغوط النفسية Stress وهذا الأمر النفسي هو أحد الأسباب المهمة في منشأ الكثير الكثير من الأمراض.. وله علاقة كبيرة جداً بالسرطان.

 

وقد كتب الدكتور عبد اللطيف ياسين قائلاً: (..نحن نعلم أن الصدمة أو القلق أو الإجهاد أو الضغوط النفسية تؤثِّر على الجهاز المناعي عند الإنسان، ذلك الجهاز الذي يقرِّر استعدادنا للإصابة بكل الإنتانات، إذ نكون أكثر استعداداً للإصابة بالرشوحات (فيروسات) والأمراض الأخرى تحت أنواع معيَّنة من الضغوط..).

 

فالضغوط والشدة النفسية فعلها معاكس تماماً لفعل الحجامة من عدة جهات، تطبيق هذه النوعية من المعالجة يُنشط الأعضاء والأجهزة ويزيد من كفاءتها ويُنظِّم الإفراز الهرموني وتوازنه ويُخلِّص الجسم من سمومه بتنشيط طرق إطراحها وجعلها عديمة السُّمية بإخضاعها لتفاعل معيَّن. أما الشدة النفسية فتؤدي لعدم التوازن بين متطلبات حياة الجسم وبين عمل أجهزته (وظائفها، خلل في وظائف الأعضاء) بالزيادة أو النقصان، فبعض الأعضاء تزداد مثلاً بإفرازاتها (الشدة النفسية وزيادة إفراز Hcl في المعدة) ونقص أو اضطراب في عمل أجهزة أخرى، مثلاً: جهاز المناعة، اضطراب الهضم، ارتفاع الضغط، زيادة نبض القلب إثر الشدة، تضيق القصبات.

 

وهذا الخلل ينعكس على الجسم الذي يبدأ بالانهيار شيئاً فشيئاً وتظهر الأمراض المتلاحقة شيئاً فشيئاً. مثلاً: فلربما كان ارتفاع سكر الدم (مرض السكر) إثر شدة نفسية طويلة، بعض حالات الربو الناتجة عن شدة نفسية، حالات القلب، ارتفاعات الضغط..

وشرحنا لذلك من الناحية النفسية، أن النفس وهي الذات الشاعرة المسيطرة على هذا الجسد وأعضائه وأجهزته (هذه النفس السارية في الأعصاب) عندما تنشغل بأمرٍ ما (أثناء الشدة النفسية..) يأخذ بساحتها يؤرِّقها ويصبح شغلها الشاغل وبلا شعور تهمل وتتجه عن بعض أجهزتها وأعضائها فيختل توازن هذا العضو.. زيادة أو نقصاناً في وظيفته. ولو فحصنا العضو لوجدناه سليماً فالعلة ليست بنيوية عضوية، أي ليست في العضو ذاته، بل إنما هي نفسية (عدم ضبط توازن عمل هذا العضو) وهذا الاضطراب يعقبه اضطرابات في أجهزة وأعضاء أخرى لارتباط أجهزة الجسم ببعضها البعض ويضطرب الجسم بشكل عام ويصبح ضعيفاً أمام أدنى المؤثِّرات عرضة لمعظم الأمراض.. وقد ينقلب بذلك الخلل لعضوي متعلِّق بالعضو ذاته.

 

ومن هنا نستنتج أن تلك الأمراض التي تصيب العصاة يمكن أن يكون منشؤها نفسياً(1).. ولقد أكَّد الطب أن نسبة كبيرة من المرضى بشكل عام منشأ مرضهم نفسي.

 

ولقد ركَّز الدكتور عبد اللطيف ياسين في كتابه (السرطان أسبابه والوقاية منه) على العامل النفسي وتأثيره على الإنسان منذ طفولته، بل منذ كان جنيناً في بطن أمه (كيف يتأثر بحالة أمه النفسية) ثم لما يصبح (طفلاً) حتى تدرُّجه في الحياة وما يسبب هذا العامل النفسي من أمراض... طفلاً كان، أم شاباً، أم كهلاً... والسرطان هو الذي كان هدف بحثه، وقد أجرى الدكتور دراسة جدية في مشافٍ عسكرية ومدنية في سورية على (305) من مرضى السرطان مؤكِّداً في دراسته هذه على دور الضغوط النفسية في إحداث السرطان، وذكر عدداً من القصص من بين كامل الإحصائية (305) حالات مظهراً فيها العامل النفسي واضحاً، وظهر أن نسبة التأثيرات النفسية المسببة للسرطان في هذه الإحصائية (77%).

وسنورد الآن بعض الحالات التي تظهر وجود علاقة بين الحالة النفسية وحدوث مرض السرطان:

 

الحالة الأولى:

يعمل المريض (ص.ح) ذو الثلاث والعشرين من العمر فلاحاً في أرض صغيرة في الريف؛ متمتعاً بصحة جيدة، يرعى أغنامه في الحقل يومياً، ويعيش معها حياة هادئة رتيبة، متمسكاً بالعيش في قريته الجميلة.

كان لدى المريض خوف من الحياة العسكرية، لقد حذَّروه مراراً من الخدمة العسكرية ومن مشقاتها.

سُحب المريض إلى الخدمة العسكرية الإلزامية ملتحقاً بدورة عسكرية كان نصيبه فيها أن أُرسل إلى منطقة الخدمة.. عانى المريض من ضغط نفسي عنيف نتيجة العقوبات الجسدية التي كان ينفذها مع زملائه، ثم فُرِزَ إلى مكان بعيد عن قريته حيث الخدمة القاسية في الصحراء والبعد عن الأهل والأصدقاء.. شكا المريض قبل دخوله المشفى بشهر من دوخة وتعب عام وعدم القدرة على العمل، أُدخل المشفى وتبيَّن إصابته بابيضاض لمفاوي حاد.

كانت المدة بين بدء خدمته الإلزامية وإصابته بالابيضاض اللمفاوي الحاد لا تتعدى الخمسة أشهر.

 

الحالة الثانية:

كان زوج هناء شاباً وسيماً وذكياً؛ وكانت هي في مثل سنه، وكان من عشاق الفن المسرحي والسينمائي؛ وقد اتخذ فنه حرفة ومورداً للرزق. وبما أن عمله هذا يتضمن لقاءه بكثير من النساء، فقد بدأت الغيرة تأكل قلبها؛ لم تُخفِ هناء شعورها هذا عن زوجها، فبدأت المشاكل بينهما وطلبت الطلاق. لم يوافق الزوج على طلبها فهي ثرية، بل بالغة الثراء وقد ورثت أموالاً طائلة عن والديها، أغدقت عليه منها بسخاء حتى أصبح يرفل بنعمة عظيمة، وبتطور المشاكل بدأت تلاحظ احمراراً في جلد ثديها وتبيَّن في الفحص المخبري لها إصابتها بسرطان الثدي الالتهابي، وتطورت حالتها إلى الوفاة بسرعة خلال ثمانية أشهر فقط.

 

الحالة الثالثة:

حالف الحظ (أ.ن) في تجارته حيث انفرد بتجارة لوازم الصائغين على مستوى عال؛ كما حالفه الحظ أيضاً في تجارة الذهب فكثرت الملايين بين يديه؛ وعاش عيشة مترفة وادعة هانئة مع زوجته وابنته وابنه.

 

إلاَّ أنه ابتلي بلعب القمار واستحكمت فيه شهوته حتى أنسته كل شيء وجرفه التيار فذابت ملايينه واحداً بعد آخر فاستدان واستدان، حتى بلغت الديون عليه (7 ملايين ل.س) فأعلن إفلاسه، وأصبح ملاحقاً من الدائنين فتوارى عن الأنظار هرباً، وأصبحت حياته سلسلة من المتاعب والهروب والمطاردات من الدائنين.

 

وخلال ستة أشهر من هذا الوضع المتوتر بدأ يشكو من إقياء، وآلام بطنية متكررة، ونحول ونقص شهية مترقٍ فعرض نفسه على الأطباء الذين شخصوا إصابته بورم منتشر منشؤه الاثني عشري، وأخفقت المعالجة الكيميائية في السيطرة على الحالة التي انتهت بالوفاة خلال (8) أشهر من التشخيص.

 

الحالة الرابعة:

أحمد مزارع شاب نشيط بذل كل وقته وماله وجهده لخدمة أرضه بعد أن حُرِمَ من الذرية ومن البنين، وجادت له الأرض بخيراتها وثرواتها حتى أصبح موضع حسد أقرانه من أهل القرية، فهو رابح دائماً وهم خاسرون، مما أوغر صدورهم فاتفقت مجموعة منهم يوماً على أن يشفوا حسدهم وحنقهم منه بالتعرض له بالضرب بعد عودته من أرضه ليلاً.

 

لقد قرنوا القول بالفعل وتعرضوا له في ليلة حالكة الظلمة على طريق عودته إلى داره (في مصياف) وأوسعوه ضرباً وركلاً، فعاد إلى داره بأسوأ حال.. وأصيب باكتئاب حاد بعد هذه الحادثة، فابتعد عن الناس وانطوى على نفسه.

 

بعد شهرين من هذه الواقعة لاحظت زوجته ظهور كتل في عنقه فراجعت وإياه الطبيب فتبيَّن من الدراسة وجود ورم غدي غير مميز متصل إلى لمعة قد يكون ناشئاً عن البلعوم الأنفي أو من الرئة، فعولج كيميائياً إلا أنه استمر بالتدهور والتردي ومات بعد ثمانية أشهر من التشخيص.

في حالة نسخ أي صفحة من صفحات هذا الموقع حبذا ذكر المصدر على النحو التالي

نقلاً عن موقع الطب الشعبي