كامِل الصناعة الطبية ( الملكي )
عليّ بن العباس المجوسي (توفي عام 994) ميلادي
الحجامة
كتاب كامِل الصناعة الطبية: المعروف بالملكي هو العمل الوحيد المعروف لعليّ بن العباس المجوسي (توفي عام 994) ميلادي ، المعروف أيضاً باسمه اللاتيني ، هالي عباس. وُلِد المجوسي بالقرب من شيراز، ببلاد فارس (إيران حالياً)، في أوائل القرن العاشر. ولا يُعرف سوى القليل عن خلفيته العائلية، إلا أن لقبه، المجوسي، يشير إلى أنه أو والده كان في الأصل زرادشتياً. وقد تدرب كطبيب وخدم الملك عَضُد الدولة (توفي عام 983)، والذي تم إهداء كتاب كامِل إليه. يتكون العمل من 20 دراسة: عشر دراسات حول الجانب النظري من الطب والعشرة الأخرى حول الجانب العملي. يشتهر المجوسي بوصفه الدقيق لمرض ذات الجَنْب وبمعرفته بالأوردة والشرايين والجهاز الدوري وإدراكه لأهمية النظام الغذائي والراحة والتمرينات البدنية في الحفاظ على الصحة. تمت ترجمة كتاب كامِل جزئياً للغة اللاتينية بحلول عام 1089 وتم تداوله على نطاق واسع في أوروبا في صورة مخطوطات ولاحقاً في صورة نُسخ مطبوعة. المخطوطة منسوخة بخط نسخ واضح وصغير، 29 سطراً في كل صفحة. النص مُحاط بخطوط زرقاء وذهبية اللون. والعناوين والشعارات الأخرى، التي تظهر أسفل النص، مكتوبة باللون الأحمر. يسبق النص فهرس محتويات. إن التاريخ الموجود ببيانات النسخ، 841 هـ (1437-1438 م) غير مُؤكَّد، إذ أنه أُضيف في نهاية النص من قبل شخص آخر.كانت المخطوطة هدية من هارفي كاشينغ (1869-1939)، جراح الأعصاب الذي تخرَّج في جامعة ييل. وتُشكّل مجموعته من الكتب الطبية النادرة جزءاً أساسياً من المكتبة الطبية التاريخية ضمن مكتبة هارفي كاشينغ/جون هاي وِتْنِي بجامعة ييل.
الباب الثامن في عمل اليد الذي يکون في اللحم
وأوّلا الحجامة ومنافعها:
اعلم أن عمل اليد الذي يکون في اللحم منه القطع
ومنه البط ومنه الکي،
و العلل التي تستعمل فيها هذه الثلاثه منها ما يعرض في سائر أعضاء البدن الي مثال
واحد فهو الحجامه والبط والقطع والسلع والعقد والسرطان والقروح الخبيثه والنمله
والمسامير والثآليل واخراج السهام والازجه. فأما العلاج الخاص بکل واحد من الاعضاء
بمنزله قص الظفره من العين وقطع اللحم الزائد في الأنف وغيرهما من العلل التي تخص
کل واحد من الاعضاء دون غيره مما سنذکره فيما بعد علي ترتيب الاعضاء من العوالي الي
أسفل. فأما ههنا فإنّا نذکر العلاج الذي يکون في سائر الاعضاء علي مثال واحد، و
نبتدئ من ذلك بالحجامه ومنافعها وما يتلوها ان شاء اللّه تعالي.
ذکر الحجامه
فنقول: إن الحجامه تستعمل على ثلاثة أوجه: أحدها مع شرط،
و الثاني مع النار، و
الثالث بمحاجم فارغه؛
فأما الحجامه التي تکون مع شرط فإنا إما أن نستعملها في الصبيان الصغار الذين لا يمکن فيهم الفصد، إذا کانت عللهم من قبل الدم عوضاً عن الفصد وإن کانت عللهم في مقدم الرأس والعين وما يجري هذا المجرى فينبغي أن تضع المحاجم علي مؤخر الرأس، ويکون الشرط شرطاً لا يجوز عن الجلد. وإن کانت العله في الرأس وکانت قريبه فينبغي أن تضع المحاجم علي القفا لينجذب ما في الرأس، وإن أردت أن تجتذب من موضع أبعد فضع المجام على الکاهل، وربما حجمناهم علي الساعدين أو على الساقين للامراض التي تکون بهم على هذه المواضع.
فأما الرجال والنساء فقد تستعمل فيهم الحجامه مع شرط لاجتذاب الدم الردي ء من قعر الاعضاء، وقد يجتذب مع الدم يضاً الاخلاط الرديئه المؤذيه.
وإن کانت الحاجه الى اخراج الدم اليسير فينبغي أن يکون الشرط ليس بالغائر، وإن کانت الحاجه الى اخراج دم کبيره فليکن الشرط غائراً.
وإن کان الدم رقيقاً فينبغي أن يکون الشرط في الجلد غير غائر الى اللحم، وإن کان اللحم غليظاً فينبغي أن يکون الشرط غائراً.
وإن أردت أن تخرج من العضو قطع دم فليکن الشرط أکثر غوراً، وإن کانت الماده ليست بالرقيقه ولا بالغليظه فليکن الشرط معتدلًا.
وقد تستعمل الحجامه في مواضع شتى من البدن ولکل واحد منها منفعه خاصه من بعض العلل دون بعض.
فمنها حجامة في مقدم الرأس ، (( * )) وتكون على شبر من مفرق الحاجبين الي وسط الرأس ، تنفع من ثقل البدن کله ومن الجذام والحراره الشديده في الرأس والدوار إذا کان من دم ومن أوجاع الکليتين وأورام الخصيتين بالقرب من موضعها شريان عظيم، فينبغي أن يتوقي موضع الشريان لئلّا يقع عليه الشرط، فإنه إن أوقع عليه لم يکد أن ينقطع الدم، وإذا انقطع ذلك الشريان أضر ذلك بالسمع والبصر والذهن، ومنها حجامه فوق الرأس (الهامة أنظر العمدة لابن القف) ، تنفع من کموده الوجه وکدر الحواس وعلل العين ومن القروح والجرب والسلاق والکمنه وثقل السمع وحکه الاذنين وضربانهما ونتن الانف والصداع وأوجاع الفم، ومنها حجامه النقره وهي في مؤخر الرأس فوق القفا بأربع اصابع، و تنفع من ارماد الصبيان و الوردينج وأوجاع الاذنين و ورمهما وثقل الرأس وثقل الاجفان وجربهما والکلف والنمش والسبل والسلاق، ومنها حجامه الاخدعين تنفع من أوجاع الاضراس و اللسان واللثه الوارمه والرمد وأوجاع الاذنين وورمهما، والادمان عليها يورث رعشه و بياضاً في مواضعها، ومنها حجامه الذقن تنفع من البثر وقلاع الفم وورم اللثه، ومنها حجامه الکاهل وهو موضع السنام ورأس الفقار، وينفع من العلل السوداويه و من ضيق النفس والخفقان اذا کان من حراره، و منها حجامه الناغض وهي على الجنب متنحياً من بين الکتفين قريباً من أطراف الکبد، وهو إذا وضعت يدك اليسري علي منکبك اليمني ثم ضربت بالاخرى فوقعت علي الناهض من الجانب اليسر فانها تنفع من شرب السم وورم الطحال، فأما من الجانب اليمن فإنها تنفع من حراره الکبد وأورامها، و منها حجامه بين الورکين تنفع من البواسير وسيلان الدم ومن الزحير وورم المقعده وضربانها، ومن نزف الحيض وبول الدم وحراره الکلي وحرقه البول وورم الانثيين. ومن الدم الفاسد ومن نتن الفرج والحکه فيه ومن الدماميل والجرب في الأليه، وليس تضر بالباه إذا استعملت عند الحاجه، فإن استعملت من غير حاجه أضعفت الظهر وأهزلت الکلى وذوبت شحمها و نقصت من الباه، ومنها حجامه الساقين على شبر من الکعب وعلى أربع أصابع من الرکبه وفي ظاهر الساق، يخرج الدم منها والانسان قائم تنفع من المره السوداء و حديث النفس والسقطه والصرع وفساد الذهن والقوابي والحكة والجرب وظلمه العين والدوار ووجع عرق النسا. وينبغي لمن أراد حجامه الساقين أن يدخل الحمام و يصب علي ساقيه الماء الحار و يمشي بعد ذلك ساعه لنزف دمه ويجلس علي کرسي و يمص المحاجم نحواً من ثلاثين مره.
* يوجد خطأ في الوصف وتحديد مقدم الرأس ووسط الرأس وفوق الرأس !!! ، كما أنه ذكر حجامة الناهض والصواب الناغض.
(( في لسان العرب: هو أَعلى مُنْقَطَع غُضْرُوفِ الكَتِف ، النُّغْضُ والنَّغْضُ والنّاغِضُ أَعلى الكتِف وقيل هو العَظْمُ الرَّقِيقُ الذي على طرَفِه))
ومنها حجامه بين ثديي المرأة تصلح لنزف
دم الحيض خاصه، و منها حجامه الفخذين وهي تنفع
من حکه الانثيين وحکه الفخذين واحتباس الطمث، ويجب أن يمص مصاً کثيراً ثم يشرط،
ويکون الانسان جالساً ممدود الرجلين ملصقاً احدي رجليه بالأخري، و ينصب المحاجم في
أعلي الفخذين، ومنها حجامه الرکبتين يمد الانسان
رجليه وينصب المحاجم في طرف الفخذين قريباً من المفصل و ينفع من ورم الرکبتين
والحرقه فيهما و ثقلهما ووجع المفاصل، ومنها حجامه
الرسغ تنفع من الجرب والبثر والحکه والسعفه والشقاق في اليدين، ينصب علي کل
يد محجمه ويمص مصاً کثيراً ويشرط ويخرج له من الدم مقدار نصف رطل، ومنها
حجامه على المقعده تنفع من أوجاعها وحرقها
وأورامها والبواسير في الارحام وأوجاع الأمعاء، ولعظم افخاذ النساء وأعجزتهن، ويجلب
دم الحيض، وينفع من أوجاع الظهر والورکين، ومنها حجامه
بين الکعبين، تنفع من الوَثْء والوهن وشقاق القدم والحرقه في القدمين و
انصباب المواد اليهما ومن النقرس وتحدر دم الحيض، ومنها حجامه المنکب الأيسر، تنفع
من أوجاع الطحال وحمي الربع و فضول المره السوداء.
و ينبغي أن يکون ما يستخرج من الدم من هذه المواضع من خمسين درهماً الي مائه درهم،
علي قدر مراتب الابدان في القوّه والضعف، و علي قدر الحاجه و فساد الدم، و ينبغي أن
لا يسرف في اخراج الدم فإنه يخلق المعده ويضعف الکبد و يبردها و يحل اللون و يصفره
و يحدث الاستسقاء و يقلل الباه ويوهن القلب ويحدث الخفقان والفالج ويورث البهق
الابيض ويضعف البصر، وينبغي أن تکون محجمه الکاهل أوسع من محجمه الاخدعين و محجمه
الساقين وسطه بينهما، و تکون الحجامه في الربيع أکثر منها في سائر الاوقات وفي الحر
الشديد و البرد الشديد أقل منها في الربيع، و کذلك الفصد وسائر الاستفراغات علي ما
ذکرنا في غير هذا الموضع، و في وقت الخريف تکون الحجامه أقل منها في الربيع.
فأما المحاجم الفارغه- أعني التي بغير شرط- فإنا
نستعملها عند ما يحتاج الي نقل المواد من موضع الي موضع، بمنزله ما يفعل في
الحصي الذي يکون في الکلي أو جذبها الي خارج، ونستعملها يضاً إذا أردنا أن نحلل
الرياح بمنزله ما يفعل ذلک في القولنج إذا وضعنا المحجمه علي مراق البطن في موضع
الوجع، و إذا أردنا أن نجذب الدم الي بعض الاعضاء بمنزله ما يفعل ذلك في المعده فإن
کثيراً ما يحتاج الي جذب الدم اليها ليسخن، ونستعملها
في بعض الاعضاء إذا عدم الحرکه ولم يعدم الحس ليجتذب الدم والحراره اليه، فإن عرض
ذلك للکبد نصبنا المحجمه علي المنکب ومصصنا بها ثم نصبناها على موضع العله ومصصناها
مصاً رقيقاً غير شديد حتي يجتمع الدم ثم نقلعها وتعاد، ثم ننصبها بعد أيام على
الساعد قريباً من الرسغ، وکذلك نفعل بالرجل وکل عضو قد عدم الحرکه، نفعل ذلك في کل
شهر دفعه، ونستعملها يضاً في أصحاب الرعاف اذا
أسرف فإنا نضع المحاجم علي عضل البطن، إن کان الرعاف من المنخر اليمن وضعناها علي
ناحيه الکبد، وإن کان الرعاف من اليسر وضعناها علي ناحيه الطحال فإنها تجتذب بذلك
الدم من ناحيه الرأس الى أسفل وإلى ناحيه الجلد، وکذلك تفعل في النزف العارض للنساء
إذا أسرف أن تضع المحاجم على الثديين، وقد توضع المحاجم الفارغه يضاً علي الاضلاع
المکسوره عند ما تنخسف لتجتذبها الى فوق، ونضعها علي الاذنين إذا کان فيها ناصور
وکثره سيلان الدم وخروجه و ذلك إنا نلقم المحجمه على الاذن ونمص فينجذب الدم ويخرج،
واذا کان أيضاً ناصور متقدم في عضو لحمي وکان له غور وفيه مده مستکنّه فانصب عليه
المحجمه ثم احقنه بمرهم الباسليقون، وينبغي أن لا تستعمل المحاجم في مثل هذه
الاحوال التي ذکرنا الا والبدن نقي من الفضول، وأن تکون قد استفرغته ونقيته، فانك
إن فعلت ذلك والبدن غير نقي اجتذبت المواد الرديئه الي العضو الالم وجلبت اليه مضره
عظيمه، فاعلم ذلك.
فأما المحاجم التي تستعمل بالنار فيحتاج اليها
لاجتذاب المواد من قعر الاعضاء الي خارج اذا حصلت فيها من غير أن يکون هناك ماده
تنصب الي العضو وأردنا اجتذابها الى خارج جذباً کثيراً، وکلما کانت المواد المنجذبه
أکثر فيجب أن تکون النار اقوي، وکذلك تأخذ المحجمه والقدح الصغير وتمسح داخله
بالماء، وتأخذ قطنه منفوشه وتشعلها بالنار داخل القدح وتلقيها علي الموضع، فانها
تجتذب مراق البطن وتحتوي عليه حتي لا تنقلع عنه بسهوله؛ من ذلك
محجمه السره تنفع المغص الشديد والقولنج من
الريح وحيض النساء ووجع الارحام و غلظ دم الحيض وعسر خروجه والغشي الحادث عن الحيض
ونزف الارحام، وتجذب الرطوبه التي تخرج من الفرج عند الجماع. و منها
محجمه المقعده تنفع من الرياح الغليظه فيها ومن
البرد وتسخنها وتنقي الرطوبه واللزوجه منها. وهذا يکون بمحاجم کبار وبقدح يسير على
حراره النار بعد أن يدهن الموضع بدهن بان و ترکب المحجمه وتضعها حتي تجتذب المحجمه
الجلد وتثبت، ودعها ساعتين، ومتي خشيت أن تحرق فافتحها ساعه ثم أعدها حتي تحمي
العضو.
و مع ما ذکرنا من سائر أنواع المحاجم ينبغي أن تکون المحجمه التي تستعملها في کل موضع علي قدر العضو والالم؛ وذلك انه إن کان العضو واسعاً کبيراً فينبغي أن تکون المحجمه کبيره، و إن کان العضو الالم صغيراً فينبغي أن تکون المحجمه صغيره.
کامل الصناعه الطبيه، ج 4، ص: 233
ان كانت الحاجة الى اخراج الدم اليسير فينبغي أن يكون الشرط ليس بالغائر ، وان كانت الحاجة الى اخراج دم كبيرة فليكن الشرط غائرا ،
وان اردت أن تخرج من العضو قطع دم فليكن الشرط أكثر غورا ، وان كانت المادة ليست بالرقيقة ولا بالغليظة فليكن الشرط معتدلا .
الحجامة الفارغة تعمل عندما يحتاج الى نقل المواد من موضع الى موضع
محجمة السرة تنفع المغص الشديد والقولنج من الريح
نقلاً موقع الطب الشعبي
الرجوع للصفحة الرئيسية