تَثْنِيَة: إعَادَة، تَكْرار
يقول أبو البقاء في كتاب الكليات
أكثر الثناء هو مأخوذ من الثني وهو العطف ورد الشيء بعضه على بعض ومنه ثنيت الثوب
إذا جعلته اثنين بالتكرار وبالإمالة والعطف فذكر الشيء مرتين يتناول أحدهما ما لم
يتناوله الآخر وهلم جرا بمنزلة جعله اثنين فأطلق اسم الثناء على تكرار ذكر الشيء
لشيئين ومنه التثنية.
وفي لسان العرب والقاموس المحيط : وثَنَّاهُ تَثْنِيَةً : جَعَلَهُ اثْنَيْنِ .
يقول تأبطر شرا :
ألا مـــن مبلغ فتيـــان فهــم ... بما لاقيت عنــــــــد رحـــــى بطان
بأني قد لقيت الغول تهوي... بسهب كالصحيفة صحصحان
فأضربها بلا دهش فخرت ... صريعــــــا لليديــن وللجـــــــــــــران
فقالت ثن فقلت لها رويدا ... مكـــــانك إنــنى
ثبت الجنـــــــــان
يقول ابن سينا في القانون :
وبالجملة فإن تكثير أعداد الفصد أوفق من تكثير مقداره والفصد الذي لم تكن إليه حاجة
يهيج المرار ويعقب جفاف اللسان ونحوه فليتدارك بماء الشعير والسكر ومن أراد
التثنية
ولم يعرض له من الفصدة الأولى مضرة فالج ونحوه فيجب أن يفصد العرق من إليه طولا
ليمنع حركة العضل عن التحامه وأن يوسع وإن خيف مع ذلك الالتحام بسرعة وضع عليه خرقة
مبلولة بزيت وقليل ملح وعصب فوقها وأن دهن مبضعه عند الفصد منع سرعة الالتحام وقلل
الوجع وذلك هو أن يمسح عليه الزيت ونحوه مسحا خفيفا أو يغمس في الزيت ثم يمسح
بخرقة.
وفي موضع آخر:
والنوم بين الفصد والتثنية يسرع التحام البضع وتذكر ما قلناه من الاستفراغ في
الشتاء بالدواء أنه يجب أن يرصد له يوم جنوبي فكذلك الفصد.
واعلم أن فصد الموسوسين والمجانين والذين يحتاجون إلى فصد في الليل في زمان النوم
يجب أن يكون ضيقا لئلا يحدث نزف الدم وكذلك كل من لا يحتاج إلى
التثنية.
وفي مقالة للرازي:
التثنية: تكون للقوي أسرع، وللضعيف أبطأ، ولا تبقى إذا عسر خروج الدم في التثنية
أن
يغمر بشدة، بل إما أن يتركه فإنه لا بأس به، وإما أن يحل ما قد جمد في فم الضربة من
الدم بشعرة المبضع، فإن ذلك أصلح من لبه وسطعه.
ويقول الزهراوي في التصريف:
وأما من أراد ترويح ذراعه، وتسريح دمه ثانية،
فينبغي لمن كان فصده لاستفراغ كثير، وقوته ضعيفة، أن يسرح الدم قليلاً قليلاً بقدر
القوة في أيام متوالية.
وأما من كان يريد ترويح ذراعه، وتسريح دمه ثانية،
وكان بدنه قوياً، فليفعل ذلك على سبع ساعات أو تسع من فصده الأول.
وأما من أراد اجتذاب الدم من بدنه إلى ضد الجهة التي مالت إليها، فينبغي أن
يروح له في اليوم الثاني أو الثالث.
وأما من كان في بدنه الدم كثيراً، قد سخن واحتد وأحدث حمى، فينبغي أن يخرج منه الدم
في دفعة واحدة، ويخرج منه المقدار الكثير، ويوسع الفتح إلى أن يعرض الغشي، بعد أن
يكون متفقداً لجميع شروط الفصد، وأن تضع يدك على نبضه عند سيلان الدم لئلا يحدث
الموت مكان الغشي؛ فكثيراً ما يعرض ذلك إذا جهل الفاصد ووقعت الغفلة.
ولا ينبغي إذا أردت حل الذراع، وتسريح الدم ثانية،
وقد انغلق فم العرق، وعسر خروج الدم، أن تغمز عليه بشدة أو يلوى بقوة، فإن ذلك ردي
جداً، بل إما أن تتركه حتى تفصده ثانية، وإما أن تنحّي بشفرة المبضع ما جمد من الدم
في فم العرق، أو تحمل عليه شيئاً من الملح، قد أحل في الماء، أو تحمل عليه شيئاً من
الترياق الفاروق أو الشكريانا، أو يغمز غمزاً رقيقاً حتى يخرج الدم، فإن كان قد
تورم العرق، فاتركه ولا تمسه حتى يسكن الورم.
فإن دعت الضرورة إلى تسريح الدم ثانية ولابد،
فإما أن تفصده فوق ذلك الموضع، وإما أن تفصده في الذراع الآخر، أو في العرق الآخر
إن شاء الله. أ. هـ
وفي نهاية الرتبة:
وتثنية الفصد تحفظ قوة المفصود، فمن أرادها في يومه فليشق العرق موربا (مائلا)،
لئلا يلتحم سريعا؛ وأجود التثنية ما أخر
يومين أو ثلاثة .
وفي الشرح المغني: الأولى في الفصد التثنية فانها تحفظ القوة مع كمال الاستفراغ الواجب ، والتثنية تؤخر بمقدار الضعف فان لم يكن ضعف فغايتها ساعة وخير التثنية ما أخر يومين او ثلاثة .
وفي معالم القربة والقانون وغيره :
وأما عروق اليدين فستة القيفال والأكحل والباسليق وحبل الذراع الوحشي والأسيلم
والإبطي وهو شعبة من الباسليق وأسلم هذه العروق القيفال، وينبغي أن ينحى في فصده
رأس العضلة إلى موضع لين ويوسع بضعه إن أراد أن يثني.
وفي النزهة المبهجة في تشحيذ الاذهان:
وقد يضطر لفصد الوريد المفصود قبل التحامه، لكن في هذه الحالة لا يبضع الوريد ثانيا
بل يربط العضو الاول كاذكرنا ويؤمر العليل بتحريك عضلة العضو ثم تجذب احدى حافتى
البضعة فتتباعد الحافتان لانهما ليستا ملتصقتين الابمادة غروية لزجة قليلة القوام
فيسيل منها مقدار من الدم مماثل لما يخرج من بضعة جديدة لكن لا ينبغى تكرار ذلك لان
تكرار ربما سبب تقيحا في التحام البضعة أو هيج الوريد وألهبه وحينئذ يجب بضع وريد
اخر سواء كان في العضو المفصود أوف نظيره من الجهة المقابلة له.
وفي مواضع أخرى:
وأما من أراد ترويح ذراعه، وتسريح دمه ثانية،
فينبغي لمن كان فصده لاستفراغ كثير، وقوته ضعيفة، أن يسرح الدم قليلا قليلا بقدر
القوة في أيام متوالية.
وأما من كان يريد ترويح ذراعه، وتسريح دمه ثانية،
وكان بدنه قويا، فليفعل ذلك على سبع ساعات أو تسع
من فصده الأول.
فإن دعت الضرورة إلى تسريح الدم ثانية ولابد، فإما أن تفصده
فوق ذلك الموضع، وإما أن تفصده في الذراع الآخر،
أو في العرق الآخر إن شاء الله.
وفي المبحث السادس في الفصد بالنسبة لسير الاعراض ومدتها
من المعلوم ان الفصد يوقف سير الالتهاب ويقصر مدته لكن شرط حصول النتيجة أن يكون
الفصد فى ابتداء الالتهاب وان يكوان مقدار الدم الخارج وافر أو ان
يكرر مرات لتستمر نتايجه ويحصل التحليل لانه من
المجرب ان الطبيب اذا عمل بهذه الشروط يحصل على يده الشفاء من الله تعالى ولا يموت
من يعالجه من المصابين بالالتهاب الحاد الا العشر بعون الله تعالى.
وفي موضع آخر :
ثم بعد الشد ينبغي أن يحك المفصود يديه جميعا بعضها ببعض حتى تنتفخ العروق، وتتبين
للحس، ثم يمسح الفاصد المبضع بيسير من الزيت العتيق خاصة، ثم يضع إصبعه السبابة من
يده اليسرى على نفس العرق، تحت الموضع الذي يريد فصده قليلا، لئلا يلوذ العرق
فيتجنب الضربة، لأن من العروق ما تجدها كالوتر تلوذ عند الفصد، ومنها ما هي مملوءة
ريحا، فمتى وضعت المبضع عليها انخفضت تحت المبضع وخدعت الفاصد، ولم يفتح المبضع
العرق، وإن فتحه فإنما يكون فتحه ضيقا، فلذلك ينبغي أن يثبت الفاصد ويتأنى في هذه
الأمور كلها، ثم ينزل المبضع، فإن فتح العرق من مرته تلك، وإلا فيعاوده مرة أخرى
تحت ذلك الموضع قليلا، أو فوقه بالعجلة، إن لم يتورم الموضع، فإن تورم أو جزع
العليل، فاتركه يوما أو يومين، ولا تشد الرباط،
فإنه ربما جلب ورما حارا، ولا يدخل الحمام، ثم يعاود
الفصد إن أحب.
ويقول في المبحث العاشر في تكرار الفصد :
فان كان الدم الخارج به كثيفا لزجا بمعنى انه محتوي على مقدار وافر من المادة
الليفية بحيث اذا بجد تكون على سطحه كثافة سمى الفصد قوى الدم لكن قد شوهد ان
الكثأة لا تتكون الا في الفصد الثانى والثالث.
واعلم أنه لا ينبغي الحكم بتكرار الفصد ولا بعدمه الا بعد الفصد الاول وحينئذ على
الطبيب ان ينظر في اعراض الالتهاب بان يتأمل في الدم المستفرغ فان لم يكن فيه مصل
بل كان كالجلطة وتغطى بقشرة ليفية سميكة كان ذلك دليلا على بقاء اعراض الالتهاب
وحينئذ يكون تكرار الفصد لازما لكن لا ينبغي الاخذ بكلام الاطباء في تكرار الفصد
الى ان لا تتكون عليه كثافة بل يستدل بوجود المصل وعدمه فان رأى فيه مصلا كثيرا كان
غير محتاج للتكرار المذكور وان لم يره يجزم
بالتكرار وانما نبهنا على عدم الاخذ بقول الاطباء مطلقا لان في بعض الالتهابات
كالتهاب المفاصل اوالصفاق الرئوي قد وجد القشرة المذكورة مع ان الالتهاب يكون قد
نقص وصار غير محتاج للفصد، واعلم ان المصل المذكور لا يكثر في الدم غالبا الا بعد
الفصد الثالث والرابع كانه يرى الطبيب عدم لزوم الفصد.
يقول ابن التلميذ التثنية :
فأما كيفية التثنية فيكون بأن يفتح فم العرق قبل ربط أعلاه ، و بحركة الابهامين
على شفتيه بالخلاف، أحدهما إلى فوق و الآخر إلى أسفل، لتذوب علقة دم جمدت هناك، ثم
يربط أعلاه و يمسح العرق من أسفل إلى فوق فيبرز الدم حينئذ.
و ينبغي أن لا تطيل ايلام الموضع عند التثنية، لئلا يرم الموضع فتحل على المفصود
آفة ، بل فتح العرق ثانية أهون من ذلك.
و المرجو بالتثنية استيفاء القوة والجذب من الموضع الوارم إذا كان الفصد بسبب ذلك.
وفي عقيلة العقلاء في علم الفصد عن الفضلاء:
الباب الثالث عشر: في تثنية الفصد:
ذكر المؤلف بداية الفائدة العظيمة في التثنية بالفصد في حفظ القوة في حالتي الصحة
والمرض: إذ يحفظ القوة بشفاء جميع الأمراض، وهذا جعله يتناول موضوع
تثنية الفصد،
فقسم التثنية بالفصد في الأصحاء إلى ثلاثة أقسام:
1 - لما كان الغرض من فصد الاصحاء حفظ الصحة، فينبغي لهم
تفريق عملية الفصد ؛ لئلا
يحصل للقوة خور لورود المفاجئ دفعة.
2 - من كان معتادا ان يحصل له غشي في وقت الفصد ، وألحت الضرورة إلى فصده ، يخرج دمه
في عدة مرات، وليس دفعة واحدة، بعد أن ينال من الغذاء والمشروب بين مرات الفصد.
3 - من كان دمه قليلا ورديا من الأصحاء ، أو كان مائلا إلى عضو يعظم ضرر ميله إليه،
ولم يكن به من فصد، يؤخذ قليلا من دمه، ثم يغذى بغذاء محمود، ثم
يعاد له الفصد.
أما ما يتعلق بالمرضى، فقسمه المؤلف إلى قسمين:
1 - يثنى الفصد في اليوم الثاني من الفصد الأول، وذلك متى كان الغرض جذب مادة إلى
الجهة التي مالت إليها، وإن بقيت من مادة المرض بقية، وساعدت القوة، فليكن في اليوم
الثالث ايضا بعد أن يقوى فيما بين الأيام.
2 - إذا كان المرض ذا بحران، في مدته طول ما، فلا يستفرغ منه دم كثير، بل يستفرغ
منه دم قليل، ويترك في بدنه دم لفصدات اخرى إن
سنحت، وتحفظ في مقاومات ا لبحران، وضرب مثالا على ذلك ...
أما إذا اضطر إلى فصده مع ضعف قوة لحمى أو لاخلاط رديئة، فيفرق الفصد.
ثم ذكر فائدة ثانية من منافع تثنية الفصد، وبين أن الطبيعة تميز ردي الدم من سائر
الاعضاء فتدفعه إلى الموضع المفصود لضعفه، وحدد طريقة الفصد الثانية، فذكر ان
الضربة تكون على ما ذكره فيما تقدم طولأ.
واعلم أن التثنية تؤخر بمقدار الضعف فإن لم يكن هناك ضعف فغايته ساعة والمراد من
إرسال دمه الجذب يوما واحدا.
والفصد المورب (المائل) أوفق لمن يريد التثنية في اليوم
والمعرض لمن يريد التثنية في الوقت
والمطول لمن لا يريد الاقتصار على تثنية واحدة ومن عزمه أن يترشح عدة أيام كل يوم
وكلما كان الفصد أكثر وجعا كان أبطأ التحاما.
والاستفراغ الكثير في التثنية يجلب الغشي إلا أن يكون قد تناول المثني شيئا.
والنوم بين الفصد والتثنية يمنع أن يندفع في الدم من الفضول ما ينجذب لانجذاب
الأخلاط بالنوم إلى غور البدن.
ومن منافع التثنية حفظ قوة المفصود مع استكمال استفراغه الواجب له وخير
التثنيه ما
أخر يومين وثلاثة .
أ.ه.
نقلاً موقع الطب الشعبي
الرجوع للصفحة الرئيسية