رسالة في الفصد - ابنُ التِّلْمِيـذ

هو أمين الدولة ، أبو الحسن هبة الله بن صاعد بن هبة الله بن إبراهيم البغدادى النصرانى ، ولد سنة 466 هجريَّة (1074 ميلاديَّة) . كان متفنناً فى علومٍ كثيرة ، فكان حكيماً ، أديباً ، شاعراً مجيداً ، طبيباً حاذقاً . وكان عارفاً بالفارسيَّة ، واليونانيَّة ، والسريانيَّة ، متبحراً فى اللغة العربيَّة ، وكان والده (أبو العلاء) صاعد طبيباً فاضلاً مشهوراً. عمل ساعوراً بالبيمارستان العضدى ببغداد ، وظلَّ به إلى أن توفى . وكان ابن التلميذ وابن ملكا المتوفى 547 هجريَّة (1152 ميلاديَّة) فى خدمة المستضئ بأمر الله، وكان بينهما شنآن وعداوة . توفى ببغداد سنة 560 هجريَّة (1165 ميلاديَّة) وقد خلَّف مالاً عظيماً. ونعماً كثيرة، وكتباً كثيرة لانظير لها.

 من أهم مؤلفاته : الرسالة الأمينية فى الفصد، الأقراباذين ، شرح مسائل حنين بن إسحاق على القانون لابن سينا ، ديوان شعر.

 

 

 مقالة في الفصد لأمين الدولة بن التلميذ (المتوفى 560 هـ)
الفصد هو تفرق اتصال إرادي، يتبعه استفراغ كلي من العروق خاصة ويتوسطها من جميع الجسم، وقولنا من العروق خاصة لنفصله عن الحجامة لأن الحجامة هي تفرق اتصال لكن أكثر استفراغها من نواحي الجلد والفضل لا من العروق خاصة.
الأغراض المقصودة في الفصد ثلاثة وهي إما نقص الكمية وإما إصلاح الكيفية وإما هما معاً.
[ثم ذكر أبواباً يفصل فيها في كيفية الفصد لسنا هنا في معرض إيرادها حتى وصل إلى الباب السادس في ذكر العلل التي يفصد لها كل واحد من هذه العروق]:
تفصد عروق الهامة لقروح الرأس والسعفة والصداع ويفصد عرق الجبهة للسدد، وثقل الرأس وغلظ الجفون، وعرق المآقين للسبل والأرماد العنيفة. وعرق الأرنبة للبثور في باطن الأنف وبخر الأنف ونتن ريحه ونتن رائحة الفم، ويفصد شريانا الصدغين للشقيقة الصعبة والنوازل الدموية إلى العينين. والعرق التي خلف الأذنين لقروح مؤخر الرأس، وأما عرق الذقن فيقال أن فصده ينفع في البخر.
والودجان يفصدان للجذام والأمراض السوداوية وخشونة الصوت والبحة المزمنة. والعرق الذي على الكبد يفصد للمستسقين الذين يحتاجون إلى إخراج الدم. والباسليقان ينفعان من أمراض التنفس وأمراض الأحشاء الامتلائية. والشريان الذي بين الإبهام والسبابة وهو الذي أمر جالينوس بفصده من اليمنى من امرأة لوجع كان في كبدها. وهو شديد النفع من الأمراض المزمنة في الكبد والحجاب.
وأما عرق النسا فيفصد من ألم مفصل الورك الممتد إلى القدم والمسمى وجع عرق النسا، والصافن يفصد لإدرار الطمث ولأصحاب الشقيقة.
الباب السابع في العلل التي ينفع بها الفصد: ينفع من أصناف سوء المزاج الحار مع مادة كالحميات الحارة والحميات الحادثة من عفونة الأخلاط كما ينفع في الأورام الحارة كالسرسام والرمد الحار وذات الرئة وذات الكبد وسائر أورام الأحشاء. وينفع في الخفقان الحار والصداع الحار والتشنج الامتلائي ويفصد من يخاف عليه حدوث ورم بعد ضربة، ويفصد من يعتريه نفث الدم من انصداع عرق في الرية لأن الدم إذا كثر في أوردتها صدع ذلك العرق فعلاً بغته الدم، فيفصد ليؤمن الانصداع.
وأما الأصحاء، فإن أصحاب الكباد الحارة وهم الذين عروقهم واسعة وألوانهم حمر جيدة ذات رونق يكون الأقدام إلى فصدهم أكثر.إ.هـ (1).
__________
(1) من منشورات معهد التراث العلمي العربي. جامعة حلب /مقالة في الفصد لأمين الدولة (المتوفى 560 هجرية) حققها الدكتور صبحي محمود الحمامي طبعت عام 1997.
في حالة نسخ أي صفحة من صفحات هذا الموقع الرجاء ذكر المصدر على النحو التالي
نقلا عن موقع الطب الشعبي