الفصد في كتاب
نهاية الرتبة الظريفة في طلب الحسبة الشريفة
عبد الرحمن بن نصر بن عبد الله العدوي الشيزري الطبري
المتوفى : نحو 590هـ


الْبَابُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الفصادين وَالْحَجَّامِينَ لَا يَتَصَدَّى لِلْفَصْدِ إلَّا مَنْ اشْتَهَرَتْ مَعْرِفَتُهُ بِتَشْرِيحِ الْأَعْضَاءِ وَالْعُرُوقِ وَالْعَضَلِ وَالشَّرَايِينِ ، وَأَحَاطَ بِمَعْرِفَةِ تَرْكِيبِهَا وَكَيْفِيَّتِهَا ، لِئَلَّا يَقَعَ الْمِبْضَعُ فِي عِرْقٍ غَيْرِ مَقْصُودٍ أَوْ فِي عَضَلَةٍ أَوْ شِرْيَانٍ ، فَيُؤَدِّي إلَى زَمَانَةِ الْعُضْوِ وَهَلَاكِ الْمَقْصُودِ ؛ فَكَثِيرٌ هَلَكَ مِنْ ذَلِكَ .


وَمَنْ أَرَادَ تَعَلُّمَ الْفَصْدِ فَلْيُدْمِنْ فَصْدَ وَرَقِ الشَّلْقِ - أَعْنِي الْعُرُوقَ الَّتِي فِي الْوَرَقَةِ - حَتَّى تَسْتَقِيمَ يَدُهُ .
 

وَيَنْبَغِي لِلْفَاصِدِ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ عَمَلِ صِنَاعَةٍ مَهِينَةٍ ، تُكْسِبُ أَنَامِلَهُ صَلَابَةً وَعُسْرَ حِسٍّ ، لَا يَتَأَتَّى مَعَهَا نَبْشُ الْعُرُوقِ ؛ وَأَنْ يُرَاعِيَ بَصَرَهُ بِالْأَكْحَالِ الْمُقَوِّيَةِ لَهُ والأيارجات ، إنْ كَانَ مِمَّنْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا ؛ وَأَلَّا يَفْصِدَ عَبْدًا إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ ، وَلَا صَبِيًّا إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ ، وَلَا حَامِلًا وَلَا طَامِثًا ؛ وَأَلَّا يَفْصِدَ إلَّا فِي مَكَان مُضِيءٍ وَبِآلَةٍ مَاضِيَةٍ ؛ وَأَلَّا يَفْصِدَ وَهُوَ مُنْزَعِجُ الْجَنَانِ .
وَبِالْجُمْلَةِ يَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِمْ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ [ أَلَّا يَفْصِدُوا ] فِي عَشَرَةِ أَمْزِجَةٍ ، وَلْيَحْذَرُوا فِيهَا حَذَرًا ، إلَّا بَعْدَ مُشَاوَرَةِ الْأَطِبَّاءِ ، وَهِيَ :

1- فِي السِّنِّ الْقَاصِرِ عَنْ الرَّابِعَ عَشَرَ .

2- وَفِي سِنِّ الشَّيْخُوخَةِ ،

3- وَفِي الْأَبْدَانِ الشَّدِيدَةِ الْقَضَافَةِ  .

4- وَفِي الْأَبْدَانِ الشَّدِيدَةِ السِّمَنِ.

5- وَفِي الْأَبْدَانِ الْمُتَخَلْخِلَةِ .

6- وَفِي الْأَبْدَانِ الْبِيضِ الْمُرْهِلَةِ .

7- وَفِي الْأَبْدَانِ الصُّفْرِ الْعَدِيمَةِ الدَّمِ .

8- وَفِي الْأَبْدَانِ الَّتِي طَالَتْ بِهَا الْأَمْرَاضُ .

9- وَفِي الْمِزَاجِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ .

10- وَعِنْدِ الْوَجَعِ الشَّدِيدِ ؛ فَهَذِهِ الْأَحْوَالُ يَجِبُ أَنْ تُكْشَفَ عَلَى الْفَاصِدِ عِنْدَ وُجُودِهَا .
وَقَدْ نَهَتْ الْأَطِبَّاءُ عَنْ الْفَصْدِ فِي خَمْسَةِ أَحْوَالٍ أَيْضًا ، وَلَكِنَّ مَضَرَّتَهُ دُونَ مَضَرَّةِ الْعَشَرَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا ؛ فَالْحَالَةُ الْأُولَى الْفَصْدُ عَقِيبَ الْجِمَاعِ ، وَبَعْدَ الِاسْتِحْمَامِ الْمُحَلَّلِ ، وَفِي حَالِ الِامْتِلَاءِ مِنْ الطَّعَامِ ، وَفِي حَالَةِ امْتِلَاءِ الْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ مِنْ الثِّقَلِ ، وَفِي حَالَةِ شِدَّةِ الْبَرْدِ وَالْحَرِّ ؛ فَهَذِهِ أَحْوَالٌ يُتَوَقَّى الْفَصْدُ فِيهَا أَيْضًا .


وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَصْدَ لَهُ وَقْتَانِ : وَقْتُ اخْتِيَارٍ وَوَقْتُ اضْطِرَارٍ ، فَأَمَّا وَقْتُ الِاخْتِيَارِ فَهُوَ ضَحْوَةُ نَهَارٍ بَعْدَ تَمَامِ الْهَضْمِ وَالنَّقْصِ ، وَأَمَّا وَقْتُ الِاضْطِرَارِ فَهُوَ الْوَقْتُ الْمُوجِبُ الَّذِي لَا يَتَّسِعُ تَأْخِيرُهُ ، وَلَا يُلْتَفَتُ فِيهِ إلَى سَبَبٍ مَانِعٍ .


وَيَنْبَغِي لِلْمُفْتَصَدِ أَلَّا يَمْتَلِئَ مِنْ الطَّعَامِ بَعْدَهُ ، بَلْ يَتَدَرَّجُ فِي الْغِذَاءِ وَيُلَطِّفُهُ ؛ وَلَا يَرْتَاضُ بَعْدَهُ ، بَلْ يَمِيلُ إلَى الِاسْتِلْقَاءِ ؛ وَيَحْذَرُ النَّوْمَ عَقِيبَ الْفَصْدِ ؛ فَإِنَّهُ يُحْدِثُ انْكِسَارًا فِي الْأَعْضَاءِ ؛ وَمَنْ اُفْتُصِدَ وَتَوَرَّمَتْ عَلَيْهِ الْيَدُ اُفْتُصِدَ فِي الْيَدِ الْأُخْرَى ، بِمِقْدَارِ الِاحْتِمَالِ .


فَصْلٌ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَ الْفَاصِدِ مَبَاضِعُ كَثِيرَةٌ ، مِنْ ذَوَاتِ الشَّعِيرَةِ وَغَيْرِهَا ؛ وَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ كَبَّةٌ مِنْ حَرِيرٍ أَوْ خَزٍّ ، أَوْ شَيْءٌ مِنْ آلَةِ الْقَيْءِ ، مِنْ خَشَبٍ أَوْ رِيشٍ . وَ [ يَنْبَغِي ] أَنْ يَكُون مَعَهُ وَبَرُ الْأَرْنَبِ ، وَدَوَاءُ الصَّبْرِ والكندر ، وَصِفَتُهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الكندر وَالصَّبْرِ وَالْمُرِّ وَدَمِ الْأَخَوَيْنِ ، مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ جُزْءٌ ، [ وَمِنْ القلقطار وَالزَّاجِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ جُزْءٍ ؛ وَيُجْمَعُ الْجَمِيعُ ] ، وَيُعْمَلُ كَالْمَرْهَمِ ؛ وَيَرْفَعُهُ [ الْفَاصِدُ ] عِنْدَهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ .


وَ [ يَنْبَغِي ] أَنْ يَكُونَ مَعَهُ نَافِجَةُ مِسْكٍ وَأَقْرَاصُ الْمِسْكِ ، وَيَعْتَدُّ بِجَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ ، حَتَّى إذَا عَرَضَ لِلْمَفْصُودِ غَشْيٌ بَادَرَ فَأَلْقَمَ الْمَوْضِعَ كُبَّةَ الْحَرِيرِ ، وَأَلْقَمَهُ بِآلَةِ الْقَيْءِ ، وَشَمَّمَهُ النَّافِجَةَ ، وَجَرَّعَهُ مِنْ أَقْرَاصِ الْمِسْكِ شَيْئًا ، فَتَنْعَشُ قُوَّتُهُ بِذَلِكَ .
وَإِنْ حَدَثَ فُتُوقُ دَمٍ ، مِنْ عِرْقٍ أَوْ شَرْيَانَ ، حَشَاهُ الْفَاصِدُ  بِوَبَرِ الْأَرْنَبِ وَدَوَاءِ الكندر الْمَذْكُورِ .
وَلَا يَضْرِبُ الْفَاصِدُ  بِمِبْضَعِ كَالٍّ ، فَإِنَّهُ كَبِيرُ الْمَضَرَّةِ ؛ لِأَنَّهُ يُخْطِئُ فَلَا يَلْحَقُ  الْعِرْقَ  ، فَيُورَمَ وَيُوجِعَ .
وَلْيَمْسَحْ رَأْسَ مِبْضَعِهِ بِالزَّيْتِ ، فَإِنَّهُ لَا يُوجِعُ عِنْدَ الْبَضْعِ ، غَيْرُ أَنَّهُ لَا يَلْتَحِمُ سَرِيعًا .
وَإِذَا أَخَذَ الْمِبْضَعَ فَلْيَأْخُذْهُ بِالْإِبْهَامِ وَالْوُسْطَى ، وَيَتْرُكُ السَّبَّابَةَ لِلْجَسِّ ؛ وَيَكُونُ الْأَخْذُ عَلَى نِصْفِ  الْمِبْضَعِ  ، وَلَا يَكُونُ فَوْقَ ذَلِكَ ، فَيَكُونَ التَّمَكُّنُ مِنْهُ مُضْطَرِبًا .
وَلَا يُدْفَعُ الْمِبْضَعُ بِالْيَدِ غَمْزًا ، بَلْ يُدْفَعُ بِالِاخْتِلَاسِ ، لِيُوصَلَ طَرَفُ الْمِبْضَعِ حَشْوَ الْعُرُوقِ .


وَلَمْ أَرَ فِي صِنَاعَةِ الْفَصْدِ أَحْذَقَ مِنْ رَجُلَيْنِ رَأَيْتهمَا بِمَدِينَةِ حَلَبَ ، افْتَخَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْحِذْقِ ؛ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ لَبِسَ غِلَالَةً ، وَشَدَّ يَدَهُ مِنْ فَوْقِ الْغِلَالَةِ ، وَانْغَمَسَ فِي بِرْكَةٍ ، ثُمَّ فَصَدَ يَدَهُ فِي قَاعِ الْمَاءِ مِنْ فَوْقِ الْغِلَالَةِ ؛ وَأَمَّا الْآخَرُ فَمَسَكَ الْمِبْضَعَ بِإِبْهَامِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى ، ثُمَّ فَصَدَ يَدَهُ .

وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوَسِّعَ الْفَاصِدُ الْبَضْعَ فِي الشِّتَاءِ ، لِئَلَّا يَجْمُدَ الدَّمُ  ، وَيُضَيِّقَ فِي الصَّيْفِ ، لِئَلَّا يُسْرِعَ إلَى الْغَشْيِ .
وَتَثْنِيَةُ الْفَصْدِ تَحْفَظُ قُوَّةَ الْمَفْصُودِ ، فَمَنْ أَرَادَهَا فِي يَوْمِهِ فَلْيَشُقَّ الْعِرْقَ مُوَرِّبًا (مائلا)، لِئَلَّا يَلْتَحِمَ سَرِيعًا ؛
وَأَجْوَدُ التَّثْنِيَةِ مَا أُخِّرَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً .
وَمَتَى تَغَيَّرَ لَوْنُ الدَّمِ ، أَوْ حَدَثَ غَشْيٌ وَضَعْفٌ فِي النَّبْضِ ، فَلْيُبَادِرْ الْفَاصِدُ إلَى شَدِّ الْعِرْقِ وَمَسْكِهِ .


فَصْلٌ : وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُرُوقَ الْمَفْصُودَةَ كَثِيرَةٌ ، مِنْهَا عُرُوقٌ فِي الرَّأْسِ ، وَعُرُوقٌ فِي الْيَدَيْنِ ، وَعُرُوقٌ فِي الْبَدَنِ ، وَعُرُوقٌ فِي الرِّجْلَيْنِ ، وَعُرُوقٌ فِي الشَّرَايِينِ ؛ فَيَمْتَحِنُهُمْ الْمُحْتَسِبُ بِمَعْرِفَتِهَا ، وَبِمَا يُجَاوِرُهَا مِنْ الْعَضَلِ وَالشَّرَايِينِ .
وَسَأَذْكُرُ مَا اُشْتُهِرَ مِنْهَا : أَمَّا عُرُوقُ الرَّأْسِ الْمَفْصُودَةِ ، فَعِرْقُ الْجَبْهَةِ ، وَهُوَ الْمُنْتَصِبُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ ، وَفَصْدُهُ يَنْفَعُ مِنْ ثِقَلِ الْعَيْنَيْنِ وَالصُّدَاعِ الدَّائِمِ ؛ وَمِنْهَا الْعِرْقُ الَّذِي فَوْقَ الْهَامَةِ ، وَفَصْدُهُ يَنْفَعُ مِنْ الشَّقِيقَةِ وَقُرُوحِ الرَّأْسِ ؛ وَمِنْهَا الْعِرْقَانِ الْمَلْوِيَّانِ عَلَى الصُّدْغَيْنِ ، وَفَصْدُهُمَا يَنْفَعُ مِنْ الرَّمَدِ وَالدَّمْعَةِ وَجَرَبِ الْأَجْفَانِ وَبُثُورِهَا ؛ وَمِنْهَا عِرْقَانِ خَلْفَ الْأُذُنَيْنِ ، يُفْصَدَانِ لِقَطْعِ النَّسْلِ ، فَيُحَلِّفُهُمْ الْمُحْتَسِبُ أَلَّا يَفْصِدُوا وَاحِدًا فِيهِمَا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ النَّسْلَ ، وَقَطْعُ النَّسْلِ حَرَامٌ ؛ وَمِنْهَا عُرُوقُ الشَّفَةِ ، وَفَصْدُهَا يَنْفَعُ مِنْ قُرُوحِ الْفَمِ وَالْقِلَاعِ وَأَوْجَاعِ اللِّثَة وَأَوْرَامِهَا ؛ وَمِنْهَا الْعُرُوقُ الَّتِي تَحْتَ اللِّسَانِ ، وَفَصْدُهَا يَنْفَعُ مِنْ الْخَوَانِيقِ وَأَوْرَامِ اللَّوْزَتَيْنِ .


فَصْلٌ وَأَمَّا عُرُوقُ الْيَدَيْنِ فَسِتَّةٌ ، وَهِيَ الْقِيفَالُ ، وَالْأَكْحَلُ ، والباسليق ، وَحَبْلُ الذِّرَاعِ ، وَالْأُسَيْلِمُ ، وَالْإِبْطِيُّ - وَهُوَ شُعْبَةٌ مِنْ الباسليق ؛ وَأَسْلَمُ هَذِهِ الْعُرُوقِ الْقِيفَالُ .


وَيَنْبَغِي عَلَى الْفَاصِدِ أَنْ يُنَحِّيَ فِي فَصْدِهِ عَنْ رَأْسِ الْعَضَلَةِ إلَى مَوْضِعٍ لِينٍ ، وَيُوَسِّعَ بَضْعَهُ إنْ أَرَادَ أَنْ يُثَنِّيَ .
وَأَمَّا الْأَكْحَلُ فَفِي فَصْدِهِ خَطَرٌ عَظِيمٌ ، لِأَجْلٍ الْعَضَلَةِ الَّتِي تَحْتَهُ ، فَرُبَّمَا وَقَعَتْ بَيْنَ عَصْبَتَيْنِ ، وَرُبَّمَا كَانَ فَوْقَهَا عَصَبَةٌ دَقِيقَةٌ مُدَوَّرَةٌ كَالْوَتْرِ ؛ فَيَجِبُ عَلَى الْفَاصِدِ أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ وَيَتَجَنَّبَهُ فِي حَالِ الْفَصْدِ ، وَيَحْتَاطَ أَنْ تُصِيبَهُ الضَّرْبَةُ ، فَيَحْدُثُ
مِنْهَا خَدْرٌ مُزْمِنٌ .


وَأَمَّا الباسليق فَعَظِيمُ الْخَطَرِ أَيْضًا ، لِوُقُوعِ الشِّرْيَانِ تَحْتَهُ ، فَيَجِبُ عَلَى الْفَاصِدِ أَنْ يَحْتَاطَ لِذَلِكَ ، فَإِنَّ الشِّرْيَانَ إذَا بُضِعَ لَمْ يُرْقَأْ دَمُهُ .
وَأَمَّا الْأُسَيْلِمُ ، فَالْأَصْوَبُ أَنْ يُفْصَدَ طُولًا ؛ وَحَبْلُ الذِّرَاعِ يُفْصَدُ مُوَرِّبًا ؛ وَكُلَّمَا انْحَدَرَ الْفَاصِدُ فِي فَصْدِ الباسليق إلَى الذِّرَاعِ كَانَ أَسْلَمَ .


فَصْلٌ وَأَمَّا عُرُوقُ الْبَدَنِ ، فَعِرْقَانِ عَلَى الْبَطْنِ ، أَحَدُهُمَا مَوْضُوعٌ عَلَى الْكَبِدِ ، وَالْآخَرُ مَوْضُوعٌ عَلَى الطِّحَالِ ؛ وَ يَنْفَعُ فَصْدُ الْأَيْمَنِ مِنْهُمَا لِلِاسْتِسْقَاءِ ، وَالْأَيْسَرُ يَنْفَعُ لِلطِّحَالِ .


فَصْلٌ : وَأَمَّا عُرُوقُ الرِّجْلَيْنِ ، فَأَرْبَعَةٌ ، مِنْهَا عِرْقُ النَّسَا ، وَيُفْصَدُ عِنْدَ الْجَانِبِ الْوَحْشِيِّ مِنْ الْكَعْبِ ، فَإِنْ خَفِيَ فَلْتُفْصَدْ الشُّعْبَةُ الَّتِي بَيْنَ الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ  مِنْ الْقَدَمِ ؛ وَمَنْفَعَةُ ذَلِكَ عَظِيمَةٌ ، سِيَّمَا فِي النِّقْرِسِ وَالدَّوَالِي وَدَاءِ الْفِيلِ .
وَمِنْهَا عِرْقُ الصَّافِنِ ، وَهُوَ عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ مِنْ السَّاقِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ عِرْقِ النَّسَا ، وَفَصْدُهُ يَنْفَعُ مِنْ الْبَوَاسِيرِ ، وَيَدِرُّ الطَّمْثَ ، وَيَنْفَعُ الْأَعْضَاءَ الَّتِي تَحْتَ الْكَبِدِ .
وَمِنْهَا عِرْقٌ مَأْبِضٌ تَحْتَ  الرُّكْبَةِ ، وَهُوَ مِثْلُ الصَّافِنِ فِي النَّفْعِ .
وَمِنْهَا الْعِرْقُ الَّذِي خَلْفَ الْعُرْقُوبِ ، وَكَأَنَّهُ شُعْبَةٌ مِنْ الصَّافِنِ ، وَمَنْفَعَةُ فَصْدِهِ مِثْلُ الصَّافِنِ .
فَصْلٌ : وَأَمَّا الْعُرُوقُ وَالشَّرَايِينُ الْمَفْصُودَةُ فِي الْغَالِبِ ، وَيَجُوزُ فَصْدُهَا ، فَهِيَ الصِّغَارُ وَالْبَعِيدَةُ مِنْ الْقَلْبِ ، فَإِنَّ هَذِهِ هِيَ الَّتِي يَرْقَأُ دَمُهَا إذَا فُصِدَتْ .
وَأَمَّا الشَّرَايِينُ الْكِبَارُ الْقَرِيبَةُ الْوَضْعِ مِنْ الْقَلْبِ ، فَإِنَّهُ لَا يَرْقَأُ دَمُهَا إذَا فُصِدَتْ ، وَاَلَّتِي يَجُوزُ فَصْدُهَا مِنْهَا - عَلَى الْأَكْثَرِ - شِرْيَانُ الصُّدْغَيْنِ ، وَالشِّرْيَانَانِ اللَّذَانِ بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ ؛ وَقَدْ أَمَرَ جَالِينُوسُ بِفَصْدِهَا فِي الْمَنَامِ .


مصدر الكتاب : موقع الإسلام
http://www.al-islam.com
 

في حالة نسخ أي صفحة من صفحات هذا الموقع الرجاء ذكر المصدر على النحو التالي
 نقلا عن موقع الطب الشعبي