مقالة أنشأها محمد بن زكريا الرازي

محمد بن زکریا الرازي

مولده ونشأته: ولد الرازي بمدينة الري جنوبي طهران عام ۲۰۰ه 864م  ، المتوفي 311 هجريه  ، 925م .

قال: القيفال ينبغي أن ينزل عن العضلة نحو اللحم ، ولا يفصد صيفا فإنه يرم ، ولا يمكن تثنيته عند ذلك.

الأكحل ينعقد فإن كان العصب يمنته أو يسرته فصد بشفرة المبضع خلاف جهة العصب ، وإن كان بين عصبتين فصد طولا .

الباسليق يتفقد الشريان قبل التقييد  ، ويعلم عليه ثم يشد كتف العرق من موضع العلامة فينحى عنه ، وهو أبدا يفارق الشريان أسفل  ، وأكثر ما يكون في المرفق نفسه ، فإن أنزل عن المرفق غاص في اللحم ، ولم يتبين فينبغي أن يفصد بالنزول إلى أسفل أكثر ما يمكنك ، والباسليق عرق عصبي ينبغي أن يكون له المبضع ليناً قصير الشعرة.

وحبل الذراع يزول كثيرا لأن مواضعه خربشت ، يفصد أبداً فصده بالطول بمبضع له شعرةر ، وكل عرق زوال فصده ينبغي أن يكون بمبضع له شعرة أجود لأنه أقل لزولانه.

وكذلك كل عرق عصبي إن فصدته عرضا زال من المبضع فينبغي أن يفصد مثل هذا بمبضع لين له شعرة.

وقد ينبغي أن يكون غمزك بالمبضع على حسب ما يقدر من صلابة الجلد وصلابة جرم العرق وما عليه من اللحم.

الجلد الأسود من جلود الناس والآدام أبدا أصلب  ، والبدن الأبيض أرخی. وأي عرق كان دقيقا فافصد تعليقاً بمبضع لا شعرة له ، والعروق العصبية تعرف بمجساتها تحت الأصبع.

التقييد ينبغي أن يكون قريبا من موضع الفصد بعد أن يجود امتلاؤه  ، فإن خفي عند التقييد فعلم على موضع الفصد بلا تقييد  ، ثم املأ وقيد وافصد العلامة والتعليق ، والبتر إذا لم يكن المبضع في غاية الحدة أحدث ورما.

والشريان إذا انقطع يجعل عليه نورة  ، ويجعل فوقه قشر جوز ويشد شداً ، وأيضا يعجن الدقيق ويجعل في قشوره جوزة ويجعل عليه ويشد شدا.

والباسليق العسر الفصد شرح اللحم الذي فوقه ، ويعلق العرق بصنارة . القيفال يصلح فصده لما أسفل الترقوة إلى السرة.

الأكحل هو شعبة من الباسليق وشعبة من القيفال ، يلتقيان في موضع واحد ويتحدان ، ويسمى التقاؤهما أكحلا ، يصلح فصد هذا العرق لما في الرأس من الأوجاع التي يصلح لها خروج الدم إلى السرة.

فصد الأكحل ينوب عن فصد الباسليق ، وينوب عن فصد القيفال ، إذا لم تكن العلة التي من أجلها يفصد ذلك الإنسان صعبة  ، وإذا لم يظهر واحد

منهما .

عرق النسا يتوقی فصده ما أمكن  ، لأن الخطأ في فصده يعقب المفصود زمانة لا محالة ؛ لأنه مجاور لعصب كثير جدا.

قصد الودجين يصلح لبحوحة الصوت وخاصة إن فصد للمحذومين وغيرهم ممن احتاج إلى ذلك.

الباسليق إذا ورم عند الفصد فالأجود أن يثناه.

 عرق النسا إذا غمص جدا فصد من الخنصر والبنصر من الرجل.

عكر الزيت يدر دم الفصد أكثر مما يدره الزيت يكثر ويسهل خروجه.

وقال ( يُقصد الرازي ) إنه رأى رجلا فصد شریان فکوی فانقطع دمه على المكان بالكي  ، والكي إذا وقع على عصب جففه.

وينبغي أن يؤخذ المبضع بالوسطى والإبهام ولا يرسله رسلا بل يحفه أعني بالإبهام والوسطى ، ويجس بالسبابة فإن أرسله أضطرب.

فصد الوداج والصافن ينبغي أن تلویهما إليك بالمبضع عرضا لا طولا.

كل عرق لا يظهر لك ، فشده شدا أو علق في يد صاحبه شيئا ثقيلا ، واترکه معلقا ساعة  ، فإنه يظهر لك ، وإذا لم تُبَّل الرِّفادة وجعل عليه ملح وزیت ، كان أعون لتثنيته ، وأحرى أن لا يلتحم.

والمبضع المُسيف يخرج به الدم مدروراً ، إلا أنه يمنع من الغمزة.

 وينبغي أن يقدر ما على العرق الغامض بأصبعين ، يرفع أحديهما ويضع

الآخر ، فيرفق قليلا وتبصرهما هل يملتیء ، أعني هل يبين ، وإذا كان على عضلة فافصده طولا ، فإنك إن فصدته عرضا أصاب العضلة لا محالة إما من سعة الضربة وإما من وقوعها في جانب.

والعرق الشديد الخفاء ، ضع يدك على الموضع الذي يتوهم أنه عرق ، وامسح الدم إليه بأصبعك ، فإن رأيته لا يمتلئ ، فاعلم أنه ليس هناك عرق فاطلبه ، وإن شددت عرقا فلم يظهر لك فحله وشده بعده قليلا ، وادلكه بيدك فإنه يظهر لك.

وإذا كان عرق بجنب مفصل أو غور ، والغور الموضع الذي فيه قيح ، فلا تقيد المفصل أو الغور؛ فإنه لا يمتلئ ، لكن شد فوقها ، وذلك أن الرباط يلزم لزوما لا يمكن مجيء الدم ، مثال ذلك الأسيلم فإنك إن شددته دون الزند لم يمتلئ ، وإن شددته فوق الزند امتلأ ، فاعلم ذلك.

وإذا رأيت العرق يزول فانظر إلى أي الجانبين زواله أسرع وأسهل ، ثم تعمد بالمبضع ملاقاة العرق ، واغمزه بالمبضع إلى الجانب الأسرع.

إذا أردت أن لا يحس المقصود بوجع فليكن المبضع ليناً جديداً رقيقاً ، واترك العرق يمتلئ كثيرا ويحمر ويخدر ، ثم افصده ، وقد ينبغي أن تمس الماء بمبضعك فإنه يفرجه ، وكذلك إن غسلت مبضعك بالماء قليلا فلا تفصده حتى تجففه ، ولا تصب عليه ماء باردا فإنه يضره جدا ، ولا تدهنه بزيت وملح فإنه يجريه ، وليس العرق الغامض إلا أن يشق عنه الجلد واللحم ثم يعلق بصنارة ويفصد.

العرق الدقيق لا يفصد طولا بتة بل عرضا ، لأنه يقع فيه خطأ كثير عظيم.

والفصد الضيق يحدث ورماً ، وليس شيء أضر له من أن يرد المبضع فيه فإنه أسلم.

وقد ينبغي في وقت الشد أن يرسل اليد كما هي على حالها الطبيعية ، ثم يجس العرق ، وإذا أردت شده فينبغي أن تكون اليد بحالها.

والجلد خاصة من اليد يتحرى أن لا يزول في وقت شدك له عن موضعه قبل ، فتقع ضريبة المبضع في موضع فيه الجلد هو محاذٍ للعرق المفصود ، فإذا حللت اليد من الشد فلا يخرج لذلك الدم ، فيجري إذن أن يكون شدك لا بغیر وضع الجلد من اليد ، وكذلك وقت التقييد يجري أيضا أن يكون الجلد بحاله ، لا يزيله عن ذلك تقييدك إياه فيمنع خروج الدم ، لأنه يكون العرق المفصود تحت الجلد لم يقطع ، فلا يخرج دم ، ويكون الجلد المقطوع ليس هو على موضع القطع من العرق ، فتوق هذا ، فإنه إذا كان على الحال الطبيعية في وقت شدك له ، أو تقييدك له لم يضر شيء بتة في فصدك الباسليق بشعرة المبضع إلى موضع لا شريان فيه.

وإذا أردت غسل العرق فمد الجلد بيدك حتى ينضم الجلد وتنضم الضربة والموضع ، ثم اغسله وضع عليه الرفادة وتدل عليها ، ثم اطرح العصابة على الرفادة ، وهذه الرفادة المدورة أوطأ من غيرها ، وإن كان الفصد واسعا فاستعمل الرفادة المدورة.

لون الشريان بنفسجي ودمه أحمر ناصع فتفقد البنفسجي من العروق فربما كان الشريان الذي ذكرنا أن لونه بنفسجي عرق ظاهر مكشوف  ، فإذا رأيته فحله إن كان مشدودا ثم جس العرق ، الذي تريد فصده.

والتشريح ينبغي أن يحل عنه شده ويرطب ذلك الموضع بماء حار جدا ، ثم يشق شفتي الجرح شقا رقيقا ، ثم شد العصابة فيخرج الدم بسهولة ، ويأمن الورم وغير ذلك ، ومن لم يرطب قبل الشد ورم ، وأما شد العرق ليضيق الموضع ثم يدلك مكانه ليرجع الدم إلى موضع الفصد ، لأنه ينحل عن موضع الشد فحسن .

وإذا فصدت إنسانا من كمية الدم فينبغي أن تخرج الدم حتى يغشى عليه وإن فصد من أجل كيفيته فينبغي أن تخرج حتى يتغير لون الدم.

منافع الفصد:

الصافن يفصد لحرقة البول من بعد فصد الباسلیق ،

الباسليق يفصد لأوجاع الصدر وضيق النفس.

الأكحل يفصد لنزلة في ابتدائها ، وقد يفصد الأكحل للسقطة والوقعة والرفسة والصدمة وما أشبه ذلك.

والباسليق أيضا يفصد لمن يتصدع له عرق في فم معدته ، وعلامة من انصدع عرق في كلاه أن ييول دما عبيطاً ، ويوجعه موضع الكلى ، أعني القطن ونحوه ، والقطن هو الموضع الذي يقع عليه حجرة السراويل مما يلي الصلب.

والباسليق من اليد اليمنى ، يفصد للعمل في الكبد والكلى ومن الأيسر أوجاع الطحال ، ويفصد أيضا لابتداء ذات الرئة إن كانت المادة قليلة وكانت القوة قوية ، ويفصد أيضا لقذف الدم .

أما الباسليق وأما الأكحل في ذات الجنب  إذا كانت المادة كثيرة وكان ابتداء العلة والقوة قوية فافصد ، وإن لم تكن هذه الأشياء بالضد فينبغي أن يبقى بالأدوية المفردة مرة أو مرتين ثم افصده.

والقيفال للصداع  ، والشقيقة ، ويفصد للرمد ، والعلل التي هي في مدرة النواصي والوجه والقلاع والقروح في الفم .

ويفصد الصافنان للنساء إذا ارتفع عنهن الحيض واحتجن إلى إخراج الدم ، ويفصد أيضا لمن شکی حكة خصيتيه ، ويسقى بعده ماء الشعير.

وفصد الأكحل للحمرة في العين ، وعرق النسا لا يتقيد إلا بعد الشد.

الباسليق يفصد لأوجاع المفاصل في الجدري ، والحصبة  ، وكل هذه الأوجاع ، ما لم يكن ابتداء العلة فلا يفصد ، وإن كان مضى للعليل من يوم إلى أربعة فافصده  ، وإن كانت القوة قوية.

ولا يفصد للسعال الباسليق من العين؛ فإن الكبد يضعف؛ فيتولد سوء الهضم وينطلق البطن ، ولكن من اليسار ، لأن الرئة له ناحية اليسار أقرب منها إلى ناحية اليمين ، وهو أوفق لآلات النفس.

الصدغان يفصدان للشقيقة والصداع الصعب والرمد الدائم ليكون للقوة أسرع والضعف أبطأ ، ولا ينبغي إذا عسر خروج الدم في التثنية أن يغمز ويلوي بشدة ، بل أن يتركه ، فإنه لا بأس به ، وأما أن يحل ما قد جمد في فم الضربة من الدم بشعرة المبضع فإن ذلك أصلح من لیه وسطعه. تمت

وهنا مقال منقول من موقع الالوكة فيه شرح لمقالة الرازي في الفصد :