الفصد من كتاب العمدة في الجراحة

أمين الدولة أبو الفرج موفق الدين بن يعقوب

أمين الدولة أبو الفرج موفق الدين بن يعقوب ( ابن القف )

630- 685 هـ

الفصل الثاني في الفصد

الفصد تفرق اتصال ارادي خاص بالاوردة بآلة مخصوصة فقولنا تفرق اتصال جار مجري الجنس الارادي والطبيعي و غير الطبيعي و قولنا ارادي تمييز له عن ذلك و قولنا خاص بالاوردة تمييز له عن امرين احدهما بط‍‌ الخراجات بالصناعة ، فانه تفرق اتصال ارادي مع انه ليس بفصد في عرف الطب ، وثانيهما عن الحجامة فانها تفرق اتصال ارادي غير انها ليست خاصة بالاوردة بل بسطح البدن و قولنا بآلة مخصوصة تمييز له عن فتح افواه العروق بالادوية واحداث الرعاف بالادوية المرعفة فان كل واحد منها تفرق اتصال ارادي خاص بالاوردة غير انه ليس هو بآلة الفصد الذي هو الرائشة .

 

و يستعمل في ثلاثة صور:

احدها عند زيادة الاخلاط‍‌ في الكمية مع حفظ‍‌ نسبتها .

وثانيها عند زيادة كمية الدم فقط‍‌ .

وثالثها عند زيادة الكيفية الي جانب الحرارة . وهذا قليل الاستعمال فان اصلاح هذا النوع في الاكثر باصلاح التدبير الذي هو من لوازم الطبائعي .

 

 

ثم الفصد له شروط‍‌ من جهة الفاصد و شروط‍‌ من جهة المفتصد :

اما الاول فهو ان يكون عارفا بالتشريح ليعرف مسالك الاوردة و اوضاعها و ما يجاورها وان لا يفصد في مكان مظلم ليدرك العرق ويعرف كيف يضع المبضع وان يتعاهد تنقية دماغه ثم بصره بالاكحال المقوية له ان احتاج اليها وان لا يقدم على فصد صبي صغير ولا على شيخ كبير و لا على طامث و لا على حبلى الا باذن اقاربها و الطبائعي المباشر لها و لا على مملوك الا باذن مولاه و لا علي محبوس الا باذن و الي امره و لا علي من كانت معدته ضعيفة و كذلك كبده و لا علي من كان مستعدا لاستطلاق البطن و لامراض باردة رطبة ساذجة او مادية و ان يوسع الفصد في زمان الشتاء و عند كون السحنة مستحصفة و المواد غليظة ويضيقه في زمان الصيف و عند كون السحنة متخلخة و الاخلاط‍‌ رقيقة و ان يكون مبضعه نقيا من الصدأ و النمش و ان يطيل زمان جسه للعرق فانه ربما يكون متغلغلا في اللحم وان يديم تمريخ العضد في هذه الصورة و يأمر المفصود بمسك شيء ثقيل ليظهر العرق وان يفصد العروق المفصلية طولا ان اريد تأخر التحامها و عرضا ان اريد تثنيها بسرعة او ورابا وغير المفصلية طولا ان اريد سرعة التحامها والا عرضا ان اريد تأخر التحامها .

وأن يشد العضو عند الفصد بعصابة معتدلة العرض دقيقة واما الشد فانه ينبه الطبيعة علي ارسال الدم الى الموضع المفصود ويظهر العرق ويحفظ‍‌ موضعه و يخدر العضو بضغطه للعصبة فينقص الم الفصد و اما اعتدال العصابة فان الدقيقة تحز العضد وتؤلمه و العريضة لم يتمكن الشد بها و اما الرفع فليواتي الشد .

وان لا ينظر الي وجه امرأة عند فصدها ولا يطيل زمان جس عضدها وزندها بل يكون جسه للعرق  فقط‍‌ وان يكون لطيف الانامل ناعمها لا يعمل بها اعمالا خشنة ، وتكون معه ادوية مهيأة لقطع الدم ، و دينا في دينه ظاهرا في ذيله .

 

و اما التي من جهة المفتصد فاعلم ان الفصد علي نوعين ضروري و اختياري

فالاول يستعمل متي دعت الحاجة اليه من غير ان يراعي فيه شرط‍‌ سوي احتمال القوة و مقدار المادة فان كان المفصود طفلا صغيرا او دون البلوغ فانا نستعمل فيه الحجامة عوض الفصد .

والثاني (الاختياري) تراعي فيه شروط‍‌ و هو ان يكون بعد تمام هضم المعدة و دفع الفضلات البولية و البرازية و يحذر عند خلو المعدة و امتلائها و مع لين الطبيعة و عقيب التخمة و في متخلخل السحنة و عقيب الحمام و الجماع و فيمن كان ضعيف الكبد مترهل السحنة وفي الحار المزاج و في السمين سمنا شحميا و في كثير الصوم او معتاد استعمال اغذية لطيفة وفي الاوقات الحارة جدا و الباردة جدا و فيمن كان كثير الحركة مكدودا و في وقت الغضب و في وقت الحبل وجريان دم الطمث .

و ينبغي ان تعلم ان العروق المفصودة على نوعين أوردة و شرايين وفي فصد الشرايين خطر من وجهين احدهما عسر التحامها و ذلك لدوام حركتها و رقة دمها وصلابة جرمها و ثانيهما ان الدم الذي تحويه الغالب عليه الجوهر الروحي لا المادة المريضة.

 

ولما كان حال الشرايين كذلك وقع اختيار الاطباء في الفصد على فتح الاوردة وقد حصروها في أربعة و ثلاثين وريدا في الرأس منها اثنا عشر وهي عرق اليافوخ ويعرف بعرق الهامة و عرق الجبهة و عرق مؤخر الرأس وعرقان خلف الاذنين و يعرفان بالخششاء وعرق الارنبة و عرقا الماقين و عرق تحت اللسان و عرق العنفقة و الوداجان الظاهران

 

وفي اليدين اثنا عشر عرقا في كل يد ستة القيفالان و يعرف بالكتفي والاكحل وهو الكائن في وسط‍‌ المأبض و الباسليق الاعلى وحبل الذراع والابطي وهو شعبة من الباسليق الاعلى والاسليم و هو عرق بين الخنصر و البنصر ،و على البطن عرقان احدهما علي الكبد والآخر علي الطحال .

 

وفي الرجلين ثمان عروق في كل رجل اربعة عرق مأبض الركبة وهو موضوع في باطن الركبة وعرق الصافن وهو موضوع في الجانب الانسي من الساق وعرق النسا وهو موضوع في الجانب الوحشي من الساق وعرق مشط‍‌ القدم .

 

واما الشرايين فتارة تفصد وتارة تبتر وتارة تسل و تارة تكوي وهي ثمانية الشريانان:

 اللذان بين الابهام و السبابة في كل يد والشارقان وهما عرقان في الشفتين يظهر نبضهما دائما تحت الاصابع و شريانا الصدغين ويعرفان بالبازرنكين وشريانان خلف الاذنين وضعهما خلف الاذنين .

فتكون العروق المفصودة في البدن من الاوردة و الشرايين اثنين واربعين عرقا .

  

و لنبين كيف فصد كل واحد منها و نفعه:

اما عرق اليافوخ فكيفية فصده ان تعصب الرقبة بمنديل او بعصابة عريضة عصبا قويا فان كان الموضع مستورا بشعر فيحلق حتي ينكشف وعند ظهوره يفصد بالآلة التي تسمي الفاس، وفصده ينفع من القروح و البثور العارضة في الرأس المزمنة ومن الحمرة العارضة في الملتحم و من السبل الحاصلة بمشاركة السمحاق ومن جرب الاجفان المزمنة.

وعرق الجبهة وهو الحد بين الحاجبين واظهاره بشد العنق بما ذكرنا و يفصد بما ذكرنا غير انه يجب ان يكون طولا برفق و ينفع فصده من ثقل العينين و الصداع المزمن لا سيما اذا كان في مؤخر الرأس .

و عرق مؤخر الرأس اظهاره بشد العنق كما ذكرنا وحلق شعر الرأس و فصده ينفع من الوجع في مقدم الرأس و ينبغي ان يفصد برائشة لطيفة برفق.

والخششاء عرقان خلف الاذنين ، اظهارهما بحلق الشعر و بشد العنق و فصدهما ينفع من السعفة والبثور العارضة في الرأس و فصدهما بالفاس و بالرائشة.

وعرق الارنبة اظهاره بشد العنق كما ذكرنا وفصده ينفع من اوجاع العينين عن مواد حادة ومن البثور الصفراوية الحاصلة في الوجه ومن بواسير الانف وبثوره وسرطانه ومن امتلاء اللثة ونتن الفم منها وفصده بالفاس او بالرائشة.

وعرقا الآماق اظهارهما بشد العنق و بنفخ الفم و فصده ينفع من الجرب المزمن و من السبل و الكمنة و الرمد الدموي وناصور العين ومن الشعر الزائد و قطع دم هذا العرق اذا افرط‍‌ خروجه ان تذر عليه شيئا من الصمغ العربي وفصده بالرائشة من غير ان يغور بالمبضع خوفا من أمرين احدهما ان ينال المبضع للعضل المحرك للعينين فيحصل الحول، و ثاينهما احداث الناسور.

وعرق اللسان ، فصده ينفع من الخوانيق و الذبحة .

و عرق العنفقة اظهاره بما ذكرنا و فصده ينفع من البخر واورام الشفتين واحتباس الدم في العمور .

والوداج اظهاره بما ذكرنا وفصده ينفع من ابتداء الجذام ومن الخنازير ومن الماشرا و من داء الحية والثعلب وضعف الشم و من الصداع الشديد و من انتثار الهدب و من الآثار الردية في الوجه فينبغي ان يكون فصده طولا.

والقيفال اظهاره بشد العضد على ما عرفت و فصده ينفع من اوجاع الرأس وبالجملة الاعالي الدموية و يقطع الرعاف المعتاد .

والاكحل اظهاره بالعصب المذكور وفصده ينفع من اوجاع الاعالي والاسافل لانه كائن من الباسليق والقيفال .

والباسليق اظهاره بما ذكرنا من العصب و فصده ينفع من امراض الاسافل، وحبل الذراع اظهاره بما ذكرنا و فصده يقوم في النفع مقام القيفال.

واما الاسيلم فاظهاره بربط‍‌ الزند فوق الكوع باربع اصابع و فصد الايمن ينفع من اوجاع الكبد و الايسر من الطحال و ينفع من البواسير و اوجاع الظهر اذا ازمن و ينبغي ان تجعل اليد عند فصده في ماء حار لانه عرق دقيق تفرقه سهل الانطباق .

واما عرقا البطن فاظهارهما بنفخ البطن و فصد الموضوع في الجانب الايمن ينفع من اوجاع الكبد و الكائن في الجانب الايسر ينفع من اوجاع الطحال .

واما عرق مأبض الركبة فاظهاره بعصب ما فوق الركبة باربع اصابع عصبا قويا و يلقي المفصود علي ظهره و يرفع رجليه الي فوق و يفتش الفاصد علي العرق ثم يفصد و فصده ينفع من اورام المثانة والكلي والفخذين وانقطاع دم الطمث ومن البواسير واختناق الرحم و عرق النسا المؤلم وقروح الساقين وحمي الربع .

واما عرق الصافن فاظهاره للفصد بان يشد فوق الكعب باربع اصابع شد اقويا و يضع القدم علي جسم صلب و يغمز عليه بقوة فانه يظهر فاذا ظهر يفصد طولا و فصده يدر الطمث و ينفع من اورام الرحم الدموية ومن اورام الخصيتين و الفخذين والساقين .

واما عرق النسا فاظهاره بشد الفخذين من مفصل الورك بنوار عريض الى اسفل من الركبة ثم على الساق الى فوق الكعب باربع اصابع و يجعل الرجل علي جسم صلب ثم تغمز عليه فانه يظهر بذلك فاذا ظهر يفصد طولا فان لم يظهر فيفصد العرق الذي بين الخنصر و البنصر من الرجل و فصده ينفع من اوجاع الورك و من عرق النسا .

 

قال صاحب الكامل والدم الذي يخرج من هذا بارد لانه دم بلغمي و كذا الحال في فصد عرق مشط‍‌ القدم .

 

و اما امر الشرايين اما فصدها فينبغي ان لا يقدم عليه الا بعد الضرورة العظيمة و مع توق وحذر و ان يهئي ما يقطع الدم مما سنذكره:

اما الشريان الذي بين الابهام و السبابة الذي امر جالينوس في منامه بفصده لألم كان يعتريه في كبده وحجابه ففصده في اليقظة فبرئ مما كان به والمشهور ان الذي يفصد من ذلك الكائن في اليد اليمني علي ما ذكره جالينوس في مقالته في الفصد .

والشارقان فصدهما يخرج المادة الفاسدة الحاصلة في العمور واللثة و ينفع من البثور والقروح الحاصلة في الشفتين .

ومن الماشرا و البازرنكين ينفع فصدهما من النوازل الحادة و من الكلف والوردنج والجرب وداء الحية و الثعلب و من قروح العينين .

و شريانا الاذنين فصدهما ينفع من الرمد المزمن .

 

و اما البتر فيستعمل اذا افرط‍‌ خروج الدم فيه اما لخطأ وقع في الفصد و هو انه قصد فصد غيره ثم وقع طرف المبضع فيه واما لانه قصد فصده كما في شريان الصدغين فافرط‍‌ خروج الدم و لم ينقطع بوضع قاطعات الدم عليه فيستعمل البتر وهو ان يكشف عن موضع الشريان وينحي عنه الاجسام التي حوله من اللحم و يعلقه بصنارة و يدخل تحته من كل جانب خيط‍‌ ابريسم بابرة ليست بحادة الرأس و يربط‍‌ ربطا وثيقا ثم يقطع بنصفين من موضع الشق الذي وقع فيه او يترك و يوضع عليه قاطعات الدم .

 

واما السل فهو كما يفعل بشريان الصدغين في الشقيقة و اوجاع العينين و النزلات المزمنة فان العلل اذا طالت وازمنت ولم ينجب فيها علاج بالادوية فانه يستعمل فيها السل وكيفية عمله هو ان يحلق الشعر او لا حلقا جيدا ثم يفتش عن الشريان حتي يعرف موضعه فان لم يظهر فينظل موضعه بماء حار وتشد الرقبة فانه يظهر فاذا ظهر تعلم عليه بمداد ثم يشق الجلد شقا ظاهرا على طول الشريان و يعلق الجلد بصنانير و تكشف عن الشريان فاذا ظهر فان كان دقيقا فيمد الي فوق بصنارة و تقطعه من الجانبين و تخرج منه قطعة طول ثلاثة اصابع مضمومة بعضها الي بعض ثم توضع عليه قاطعات الدم وان كان عظيما فيشق و يخرج من الدم بمقدار الحاجة ثم يستعمل الشد بخيط‍‌ ابريسم من الجانبين ويكون بينهما قدر ثلاثة اصابع ثم يقطع ما بين ذلك و تلقي قاطعات الدم ثم المراهم الملحمة .

 

واما الكي فيستعمل عوضا عن السل وذلك اذا لم يطاوع العليل علي سل شريان صدغيه في العلل المذكورة وهو ان يتخذ مكوي ثخانة رأسه علي قدر سعة الشريان و يحمي في النار ليحمر لونه و بحلق الشعر الذي يعلوه ثم يوضع عليه المكوي ويكبس الشريان حتي يحرق الجلد و يصل الحريق الي الشريان و يتكمش الجميع بعضه الي بعض بحيث ان الدم ينقطع خروجه ثم بعد ذلك تستعمل الادوية الملحمة و القاطعة للدم .

 

اذا عرفت هذا فنقول خروج الاخلاط‍‌ تارة يكون في الكمية و تارة يكون في الكيفية

فان كان الاول كان الخارج غير الدم فلا يستعمل الفصد البتة بل ما يخص من المسهلات و ذلك عائد الي الطبائعي وان كان الخارج الدم فيستعمل الفصد و يخرج منه بحسب ما يراه الطبيب الحاضر من احتمال القوة و السن والتدبير المتقدم و المزاج و الوقت الحاضر ومقدار المادة.

وان كان الثاني ( الكيفية)  وكان الخارج غير الدم فليستعمل ما يقابله من الاغذية و الادوية فان افاد ذلك و الا فاستعمل ما يخصه من الاسهال و هذا كله عائد الي الطبائعي وان كان الدم فيستعمل ما ذكرناه و يخفف ذلك بالفصد و يجعل مقدار الخارج فيه بحسب ما ذكرناه ثم الدم الزائد في الكمية تارة يكون الشخص الحاصل فيه متهيئ الوقوع في الامراض الحادثة عنه و تارة يكون قد وقع فيها فان كان الاول فينبغي ان يكون مقدار ما يخرج في الاول اقل مما يخرج منه في الثاني اللهم الا ان يحصل في الحالة التي وقع فيها امر يمنع من اخراج ما يحتاج اليه وذلك اما من جهة المرض واما جهة المريض و اما من جهة القوة .

 

اما الاول ( المرض) فهو اذا قارن المريض امر محلل كالتشنج الامتلائي الدموي فانه مرض مادي تقارنه حركة محللة ففي مثل هذا المرض لا يجب ان يخرج من الدم ما نحن محتاجون الي خروجه بل يبقي منه بقية يتحلل بالحركة التشنجية فانه حين ان يقع المتحلل في المواد الردية و لا يقع في المواد الصالحة .

 

واما الثاني (المريض) فان من الناس من يعرض له عنه غشي عند استعمال الفصد و ذلك اما لانصاب خلط‍‌ ردئي الي معدته بسبب فوران المادة وضعف المعدة و اما لضعف القوة و خوران النفس و في مثل الصورة الاولي يجب ان يشغل المعدة ببعض الاشربة المقوية للمعدة الرادعة للمواد الحادة وفي مثل الصورة الثانية يحتال بين ناظره وبين الدم الخارج او يعصب العينين .

 

واما الثالث ( القوة) فهو كما اذا كانت المادة متوفرة و القوة ضعيفة و في مثل هذه الصورة يحتاج الي التثنية و التثليث و هو ان يخرج الدم مرة بعد مرة و الطريق في هذا ان العروق علي نوعين مفصلية اي ان يكون مسلكها علي مفصل كالباسليق و غير مفصلي كحبل الذراع فاذا افصدت احدي هذه العروق و كانت الحاجة داعية الي التثنية و التثليث فينبغي ان يكون الفصد في العروق المفصلية طولا ان اريد التثنية بعد ايام و مؤربا ان اريد في اليوم و عرضا ان اريد في الوقت و ان كانت غير مفصلية فالطريق في استعمال التثنية عند الحاجة احد امور :

اما توسيع المبضع و اما تدهينه عند العمل به بدهن و اما ان توضع علي المبضع خرقة مبلولة بزيت و ملح و اما ان يمنع المفصود من النوم بين التثنية فان النوم مما يعين التحام المبضع وذلك لجذبه للمادة الي الباطن و بما يحصل معه من السكون و ينبغي قبل الفصد ان يتعرف احوال دم المفتصد فان كان غليظا فلا بأس ان يستحم بماء حار ليترقق الدم و يتهيأ للخروج و ان كان رقيقا فلا حاجة به الي ذلك بل ربما اوقف خروجه بتغليظه الجلد ثم يسهل له انطباقه بعد بضعه و يجب علي المفتصد ان لا يمتلئ من الطعام بعد فصده و ذلك لضعف القوة وعجزها عن هضم ما كثر من الاغذية و لان الاعضاء قد خلت تجاويفها و مجاريها فتجذب الغذاء من المعدة و هو بعد لم ينهضم و ان لا يجامع خوفا من اضعافه للقوة و ان لا يستحم خوفا من فرط‍‌ تحليله و لا يرتاض رياضة قوية لذلك ايضا .

 

ويعرف مقدار الدم الخارج بامور:

 احدها لونه فانه متي كان متوفر المقدار كان لونه اسود وذلك لانه يغمر الحرارة الغريزية المعطية له الاشراق واما لانه بسبب كثرة مقداره تتكاثف اجزاؤه و تتلاشي الاجزاء الهوائية التي تداخله بضد ما في حال تخلخله عند كونه قليل المقدار فاذا اشرق لونه ومال الي الحمرة الصافية فهو وقت قطعه غير ان هذا لا ينبغي ان يعتمد عليه وذلك لانه من المحتمل ان يكون في باطن البدن ورم او ان يكون الدم القريب من العرق المفتوح لونه مشرقا وما بعد عنه مائلا الي السواد وايضا فانه من المحتمل ان يكون في باطن البدن ورم وتكون المواد قد انجذبت اليه وقد علمت ان كثرة المادة موجبة للسواد وقلتها موجبة للاشراق فيكون الموضع القريب من المبضع مشرق اللون و في مثل هاتين الصورتين لا ينبغي ان يعتمد علي اللون .

 

و ثانيها حقن الدم وتراخيه في خروجه فانه متي استمر حصره و تقطره فالحاجة داعية بعد الى اخراجه وذلك لتوفر مقداره و مزاحمة اجزائه بعضها لبعض و متي استرخي في خروجه فالواجب قطعه .

 

وثالثها وهو انه متي رأي حركته تأخذ من القوة الي الضعف ومن العظم الي الصغر ومن السرعة الي البطوء فقطعه واجب ومتي كان بالعكس فلا يجب قطعه فهذا القدر من امر الفصد كاف في صناعة الجراحة واللّه اعلم .

 

 

 

في حالة نسخ أي صفحة من صفحات هذا الموقع الرجاء ذكر المصدر على النحو التالي

نقلا عن موقع الطب الشعبي