الفصد

" باقي النزهة المبهجة في تشحيذ الأذهان وتعديل الأمزجة "

 

داوود بن عمر الإنطاكي

(ولد بإنطاكية، وتوفي عام 1008 هـ/1599م، في مكة المكرمة)

 

 

[ فصد ]

العروق السواكن :

العروق السواكن وتسمى الآن بالأوردة وهى عصبانية إلى الصلابة للقدرة على الغذاء ومع صلابتها لم تبلغ صلابة الغضاريف ولا العصب لان المطلوب مطاوعتها وتمددها بحسب الأغذية وأصلبها بالضرورة المائل إلى المعدة لأنه يلاقى الغذاء قويا . وحاصل القول في هذه أنها تنشأ من الكبد وقد علمت ما فيه وأنها عن أصلين :

( أحدهما ) يسمى الباب وهو ينشأ عن مقعر الكبد أولا تم يخرج منه إلى ما يلي المعدة خمس شعب تسمى الزوائد والأصابع تنبت بالمعدة وهذه تسمى باليونانية ما سليقا يعنى العروق الدقاق وهذه تغور في الكبد وآخرها الوريد الذاهب إلى المرارة منه تذهب الصفراء إليها وأما من جهة المعدة فتنقسم هذه إلى ثمانية:

( أحدها ) يتوزع في سطح المعدة لجلب الغذاء ( وثانيها ) في الاثني عشرى والبواب وهذان أقصر الأقسام وفى القانون أنهما للمعدة وما تحتها خاصة ( وثالثها ) يتوزع في سطح المعدة أيضا ويفنى في الغشاء المسمى أنقر لوس يعنى جامع الأعضاء . ( ورابعها ) يذهب أولا إلى الطحال وحين يتوسطه يرتفع نصفه فينقسم نصف هذا النصف في أعلى الطحال بعضه ويذهبا لآخر حتى يصل المعدة ومنه تأتى السوداء المنبهة ويستقل النصف فينقسم أيضا نصفين  (أحدهما ) يتوزع في نفس الطحال السافل ( وثانيهما ) يذهب حتى يفنى في الشحم والثرب الموضوع على صفاق البطن ( رابعها ) يميل إلى اليسار حتى يفنى في المستقيم ( خامسها ) إلى البطن فيفنى في اللفائف ( سادسها ) في الأعور ( سابعها ) في قولون ( ثامنها ) في حدبة المعدة وما حولها وتتركب هذه كالجداول تمص ما في هذه الأماكن من الأغذية حتى يتمحض الثفل .

( والأصل الثاني الموسوم بالأجوف ) وهو معظم الأوردة والمعدة إذ الأول ليس إلا للمساعدة والانضاج الأول وهذا الأجوف قبل أن يبرز يتفرق في أغوار الكبد إلى عروق شعرية يخالط فروع الباب ثم حال بروزه يخرق الحجاب وقد أرل فيه عرقين تعذية ويستمر هو حتى يحاذى القلب فيرسل إليه جزءا عظيما يخرق ثلاثة أغشية حتى يصل إلى أذن القلب اليمنى فيرل الورد المسمى بالشريان إلى الرئة بحسب الغذاء وهذا الوريد يصير متحركا بالعرض ولذلك يصير له طبقتان كالشرايين ويوزع شعبة أخرى تحيط بالقلب دائرة إلى الاذن المذكورة ، ويبعث جزءا ثالثا مما يلي الحجاب فتميل في ال‍رأس إلى الأيسر حتى تستبطن الأضلاع السافلة وتفنى في فقرات الصدر وفى البهائم يخالط النخاع والأعصاب حتى يفنى في الذنب ومنه يكون اللبن في نحو الخيل وأما الجمل فيصل إلى الكبد ويفنى في زائدة عرض المرارة وأما قصار الأمعاء كالذباب فلا يجاوز الحجب النفسية شثم الأصل بعد هذه الثلاثة ينفذ في حجاب الصدر ما را يرسل في الحجاب والفقرات العليا والعنق والاضلاع شعبا بعددها حتى يحاذى الكتف فيتوزع منه كثير ويمتد منه جزء في الإبط يصير أربعة أحدها يذهب في القص الثاني في اللحم والصفاقات الإبطية وثالثها في المراق ورابعها يمر في اليد ومنه العروق المفصودة ثم بعد ذلك يتفرع فوق الكتف إلى الودجين الظاهرين ويستدير منه على الترقوة والرقبة ما يستدير ومن هذا أكثر القيفال ولذلك يختص بالرأس ثم يذهب حتى يفنى في الفم والوجه وأعضاء الرأس وإلى الودجين الغائرين وهذا ن يتوزعان في الحنجرة وبطن الرأس وما فيه حتى ينتسج منها شبكة الدماغ .

 وأما تفصيل أوردة اليدين : فإنها عند الكتف يكون منها القيفال في أعلى اليد ويظهر منها عند المرافق حبل الذراع بقسمين يدوران على الزندين بأقسام أيضا قرب المفاصل حتى يفنى في الرسغ والأصابع ومنها ما يتعمق في الإبط إلى المرفق مستبطن منه شعبة تخالط الغائر من القيفال يكون منها العرق المعروف قديما بالأكحل والآن بالمشترك ويستمر في الزند الاعلى حتى يذهب في الابهام والسبابة وما توسط من هذا الأصل يكون عن الباسليق وهذا يمر حتى يفنى بين البنصر والوسطى وما تسفل منه يكون عند المرفق الأسيلم وهذا يمتد في الزند الأسفل حتى يفنى بين الخنصر والبنصر ولذلك يفصد في الأيمن للكلي وأسفل الكبد وفى الأيسر لامراض الطحال وكثيرا ما رأيت بمصر من يفصد عند الخنصر للحكة وهو خطأ خصوصا في الأيمن إذا احترقت الاخلاط ، وأما قبل خرق الحجاب فإنه يتفرع منه جزء يسمى نصف الأجوف النازل وهذا الجزء يتفرع بكثرة في الجانب الأيمن وقلة في الأيسر ومن أعظم شعبه ما في لفائف الكلى ومنها عرقان يسميان الطالعين وهما مجرى المائية إلى المثانة ومن الأيسر منهما تكون شعبة تصل إلى البيضة اليسرى وبالعكس ومنها مجرى المنى وعروق القضيب وعروق الرحم وقبل الكلى يوزع في الفقرات والصلب ما وزع في المرفق حتى تجتمع أجزاء العجز وقد أرسل عشر شعب في المقعدة والعصعص والمثانة وما حول ذلك وهذا في النساء يختلط بعروق الرحم والبطن حتى يشارك الثدي فينصرف الغذاء فيها إلى الحيض قبل الحمل وإلى غذاء الجنين فيه وإلى اللبن بعده فلذلك اختلط الطريق ثم بعد هذا ينحدر في الفخذين إلى الركبة فينقسم هناك إلى ثلاث أحدها يمتد إلى القصبة الصغرى والآخر في الوسطى يخالط الأول عند القدم مما يلي الخنصر وثالثها يمتد على القصبة البارزة الكبرى حتى يخالط الباقي في القدم ومنه الصافن ولذلك يفصد لجلب الدم وهذه الثلاث قبل انقسامها هي النساء على الأصح .

 

الشرايين:

والمراد بها كل عرق متحرك ومنبتها من القلب وهى رطبة عصبية من طبقتين داخلهما إلى المعرض تدفع البخار المحترق والاخرى إلى الطول تجلب النسيم البارد بحركتي القبض والبسط وبينهما كالعنكبوت مور بالزيادة الوقاية عناية من الصانع تعالى ذكره بما فيها من الأرواح إذ لو رقت لا نحلت فتنهك الأبدان بسرعة وهذه توزع في البدن توزيع الأوردة والأعصاب لكن قال المعلم إن الثلاثة تعظم في بعض الأعضاء دون بعض... هذا فاعلم أن أصل الشرايين كلها عرق واحد ينبت من سائر القلب يتفرع الأيمن ،لجذب الأغذية بما فيه من الأوردة السابق ذكرها ، وهذا العرق يسمى باليوناني أورطا أعنى التحرك بالحياة والعربية الأبهر ثم كما ينشأ ينقسم قالوا أصغرهما يرتفع في نصف البدن الاعلى وأعظمهما في السافل ولم يختلف في هذا القول أحد وعللوه بأن الأعضاء السافلة أكثر عددا فحصت بالجزء الأعظم .

 

الفصد :

هو استفراغ كلي بالمعنيين لأنه يستفرغ الاخلاط كلها وإن شئت من البدن كله ويكون إما لحفظ الصحة لزيادة الخلط في الكم أو رداءته في الكيف أو لهما أو لدفع المرض كتلبس البدن بما يكون عما ذكر وقد يكون لمجرد الخوف من الوقوع فيما يفسد كالفصد عند الضربة والسقطة والانزعاج ، ولا شك أنه إن كان عن غلبة الدم وساعد الفصل والسن والقوة وجب من بادئ الرأي وإلا أخر إلى استحكام النضج لئلا يختلط الصحيح بالفاسد فيعم الفساد.

وقت الفصد :

ووقته الذاتي فصل الربيع مطلقا فالصيف بشرط تضبيق الشرط فيه لرقة الاخلاط حينئذ وتحال القوة بالتخلخل ويجتنب في الخريف ما أمكن الاستغناء عنه وكذا الشتاء فان تعين سبق بالرياضة والحمام بلا ماء ولا كدر ثم وسع الشق وإن كان أبطأ اندمالا وأشد إسقاطا للقوى ليخرج الكثيف ،  وإيقاعه في اعتدال الأوقات لا يوم بحران وإفراط حر وعكسه ومرض وحبل وطمث فان غشى أولا فلحدة الخلط ويتدارك بالقئ وتقديمه يمنعه أو آخرا فقد انتهى .ويجوز إيقاعه دفعات إن خيف من استقصائه في الواحدة العجز ، وأجود هيئات الفاصد الاستلقاء فإنه أحفظ للقوى وخروج غير الواجب .

 

( وأما أحكامه في الحميات )

فيجب فيه تأمل ما سبق من نبض وقارورة وغيرهما فان ثبت غلبة الدم وجب وإلا ترك وليكن وقت الراحة وفترات النوب وخلو المعدة واحذره يوم النافض واشتداد الحمى ورقة البول وانخراط الشحم وأن يخرج غير أسود فإنه خطأ وربما أهلك وكذا حال تهيج الوجع والبرد والامتلاء بالمواد أو السدد أو الطعام بل يتقدم بالتنقية ، ولا بعد حمام وجماع وسقوط قوة وفرط اصفرار ولا قبل الرابعة عشر ولا بعد الستين نعم يجوز في الشيخوخة إذا غلبت علامات الدم ، ولا يوم تخمة إذ قل من ينجو حينئذ ، ويعاجل بالفصد مالم تغلب الموانع فيؤخر ولا عبرة بقولهم ولا فصد بعد الرابع لجوازه حيث دعت إليه الحاجة مالم ينهك المرض القوى ولا بعد بحران مزمنة ولا بأس قبله بأخذ الربوب الحامضة والسكنجبين وكذا بعده كسر اللحدة وحفظا للقوى وما دام الدم رديئا يخرج مالم تضعف القوى فيحبس حتى تنتعش ثم يعادلان .

الشيخ يقول إن تكثير إعداد الفصد خير من تكثير مقداره خصوصا إذا كان المقصود به قطع دم نزاف أو رعاف ، ويجب على من أراد تثنية الفصد في اليوم توريب القطع في الأولى وفى الأيام المتعددة قطعه طويلا لأنه سهل للفتح والالتحام ووضع خرق بزيت عليه لئلا يلحم ومسحه به إن خيف انسداده قبل الغرض ، وكذا الملح ودهن المبضع يذهب الألم ، والاستحمام قبله عسر وبعده إن طال وكذا النوم بل يستلقى للراحة ، ويتلاقى ورم العضو بفصد مقابله والادهان الملينة كالبنفسج.

 

العروق التي تفصد :

[ قاعدة ] العروق المقصودة بالذات هي الأوردة وإنما يفصد الشريان في مخصوص لمخصوص كشريان جاور عضوا ضعيفا بسبب دم رقيق أفرط حره وهى زهاء من ثلاثين عرقا :

ستة في اليدين أعلاها القيفال ويفصد لما خص الرأس والرقبة وتحته الأكحل المعروف الآن بالمشترك لما يعم البدن وتحته الباسليق لسوى الرأس ودونه شعبة تسمى الإبطي والباسليق الثاني وحكمهما واحد والواجب في فصد هذه الأربعة فوق المأبض لئلا يحتبس الدم بحركة الفصد أو تتعدى الآفة إلى العصب ، والناس الآن على خلاف ذلك ومن ثم تقل فائدة الفصد للقوى ويرتفع في القيفال عن العضلة ويعلق الأكحل حذرا من الشريان تحته ويحتاط في الباسليق فقد صرح الشيخ بأنه قد يكتنفه شريانات على ما تحته حتى قال الأصوب الاكتفاء بالابطى عنه ومتى تفتح في الربط كالعدس ولم يزل بالخل فشريان وكذا إن خرج دم أشقر فيحبس فورا .

 وتحته الأسيلم ويفصد طولا ويترك في نحو الحكة حتى ينحبس بنفسه .

وحبل الذراع يفصد مثله لجميع البدن والشمال من هذه أوفق بالطحال والقلب واليمين بالكبد ونحو الحكة وتأريب حبل الذراع أفضل وإصابة العصب والعضل توجب الخدر والشريان الموت .

 

وفي الرجل أربعة أحدها النساء يشد من الورك بعد استحمام ويفصد فوق الكعب فيه وفي الدوال والمفاصل والنقرس طولا .

( وثانيهما ) الصافن عن يسار الكعب يفصد توريبا لادرار الطمث وضعف الكبد والطحال وما تحتهما .

( وثالثهما ) المأبض عند الركبة يفصد كالصافن وهو أشد في إدرار الدم والبواسير وأمراض المقعدة .

( ورابعها ) عرق خلف العرقوب ينوب عن المأبض وعروق الرجل أولى عند غلظ المواد وكثرة السوداء .

( وفى الرأس نحو سبعة عشر ) تفصد وربا ما خلا الوداج فطولا .

( أحدها عرق الجبهة ) وهو المنتصب في الوسط يفصد للصداع وضعف الدماغ .

( وثانيها عرق الهامة ) لنحو القراع والسعفة والشقيقة .

( وثالثها ) الصدغ عرق يلتوى على مفصل الفك واليافوخ فالماق فوقه وأصغر منه وكلاهما لجميع أمراض العين كل جانب لما يليه ثم ثلاثة عروق صغار تحت قصاص الشعر يلحقها أعلى الاذن إذا التصق تفصد لغالب أمراض الرأس والعين واثنان خلف الاذن يفصدان لاوجاع الرأس والخودة والدوار قالوا وفصدهما يقطع النسل ثم الوداج للجذام والبحة والاحتراق والأبخرة الرديئة وعرق الأرنبة ويفصد حيث يعرف بالغمز لامراض الانف والكلف لكن يوجب حمرة لا تزول وإذا الوداج أولى في تصفية اللون لأنه يزيل البهق والنمش والباسور والطحال والكبد والربو ، وعرق النقرة للصداع والسدر المزمن وأربعة تسمى الجهارك لسائر علل الفم واللثة وعرق تحت اللسان في باطن الذقن لثقله وأوجاعه وأوجاع اللوزتين في الحلق ومثلها عرق يعرف بالضفدع تحت اللسان يفصد في أمراضه وعروق عند العنقفة للبخر وتغير الفم وعرق اللثة لفساد فم المعدة .

 

وفى البدن عرقان أحدهما عن يمين السرة لعلل الكبد وثانيهما عن يسارها للطحال ، فهذه جملة ما يفصد من الأوردة .

 

وأما الشرايين فالمقصود منها واحد في الصدغ يبثر لنزول الماء والقروح والبثور والعشا كالعروق الثلاثة السابقة ، وآخر خلف الاذن للصداع والدوار ، وقلما سلمت هذه عن خطر .

 

وواحد بين الابهام والسبابة على ظهر الكف رآه جالينوس في النوم لا شئ أنفع من فصده لعلل الكبد والمعدة والكلى وجميع أمراض المقعدة كل في جانبه .

 

* ( تنبيه ) *

إياك والفصد بمبضع صدئ أو ذي كلال أو غليظ الشعرة بل يكون لينا حذرا من الكسر نظيفا رفيع الشفرة ويمسك بلطف ولا يبخش عرضا ولا يزال الجلد عن محاذاته العرق ، وعليك بالاجتهاد في تحصيله بالغمز والربط الرقيق والحل والشد حتى يمتلئ وينتفخ وإن احتجت إلى تكرير الضربة فاجعل الثانية فوق الأولى فان سد لغلظ الدم فاغمسه في الماء الحار ، ومن أراد الفصد ففاجأه إسهال طبيعي ترك ومتى اختنق العضو فحل الرفادة .

واربط العنق في عروق الرأس وأكثر من حركة الأصابع في حال خروج الدم ومل إلى جانب الفصد في آفة تعم البدن كالجذام والحكة وإلا استلق ، ويجب على الفاصد استصحاب الآلات المختلفة والمسح بالحرير وصون الآلة عن الغبار وأن لا يفصد بآلة ذي مرض معد كالجذام وغيره ولا يدهن بالادهان لمن لا يريد إعادة الفصد .

وينبغي لمن يفصد في حفظ الصحة تحرى اعتدال الوقت والهواء والخلو عن الطعام الغليظ ...، وأما صاحب المرض فلا ينتظر في الفصد شرطا بل يفصد حيث دعت الحاجة .

 

ومن أراد توفير خروج الدم فليجلس في فصد عروق الرأس ويستلق في اليد ويقف في فصد الرجل ولا عكس ، ومن فصد في الاستسقاء عرق البطن مال إليه وكذا يميل إلى اليسار في اليرقان الأسود والطحال اه‍ .

 

___

بعض الامراض ذكرها المؤلف والتي تعالج بالفصد :

[ صداع ] ألم في أعضاء الرأس مناف للطبيعى ويختلف الاحساس به من حيث المادة ويكون عن خلط فأكثر ساذجا أو ماديا وعن بخار كذلك وغيرها ويستدل عليه بمامر فعلامة الحار مطلقا في كل مرض سخونة الملمس وحمرة اللون وامتلاء النبض وتلون القارورة والكسل والتهيج وحلاوة الفم في الدم ومرارته وزيادة العطش والجفاف في الصفراء وكذا القلق والضربان والدوى والبارد بالعكس والاستلذاذ بالمضاد شائع في الكل ( السبب ) يكون في الحار إما من خارج كالمشى في الشمس والمكث في الحمام أو من داخل كافراط غضب أو أخذ مسخن كزنجبيل وكذا البارد بعكس ما ذكر وهذا القول يطرد في كل مرض فاستغنى عن الإعادة .

( العلاج ) لاشك أن حقيقة الصداع فساد المادة في الكم أو الكيف ثم يترقى فان عم جميع أجزاء الرأس سمى صداعا وخودة أو وسط الرأس فالبيضة أو أحد الجانبين فالشقيقة إلى غير ذلك من الأنواع وعلى كل الأحوال إن دلت العلامات على أن المادة دموية فصدت القيفال بالشروط المذكورة ، وإن كان الصداع متعديا إلى الدماغ من عضو غيره فصد المشترك وقد يفصد في الصفراء لحدة الدم.

 

[ صرع ] اجتماع خلط أو بخار في منافذ الروح في وقت مضبوط ولو غير محفوظ وهو إما خاص بالدماغ إن صح البدن وإلا فبمشاركة عضو معروف أو منه خاصة إن صح الدماغ ويكون عن البلغم غالبا فالسوداء فالدم ويندر عن الصفراء فان حدث عنها فهو أم الصبيان والعسرة من مطلق الصرع يسمى ايلينسيا ويعلم بعلامة الخلط الكائن عنه وضعف العضو ككبر الطحال وبكمية الزبد وكيفيته ككون الكثير الأبيض عن البلغم والقليل الحامض عن السوداء والمتوسط الأحمر عن الدم وقصير الرمان حار والزبد فيه من غلظ الرطوبة والريح وحركة القلب وضيق النفس وغيبة الحس عن الحبس والسدة وقد يشتبه بالاختناق والفرق بينهما عدم الزبد في الاختناق وتقدم المغص وطول العهد بالجماع فيه ، ثم الصرع قد يكون أدوارا محفوظة وأوقاتا مضبوطة وقد تختل الأدوار دون أوقات وجوده والعكس أوهما وهذا الأخير عسر وأبعد عن البرء وكله سهل العلاج قبل نبات شعر العانة عسر بعد إلى خمس وعشرين سنة متعذر بعدها في الاصلاح .

( وأسبابه ) إدمان ما غلظ كلهم البقر والتيوس والباذنجان والألبان على الريق وعند النوم والجماع والبطء في الحمام على الجوع والتنبيه من النوم بازعاج وقلة الاستفراغ ( العلاج ) حجم الساق في الدموي مطلقا ثم فصد الصافن وإن كانت العلة عن عضو فابدأ بعلاجه ثم نق البدن أو الدماغ إن كان هو الأصل والمعدة مطلقا.

 

[ لسان ] المراد به هنا العضو المعروف من الانسان والقول في أمراضه من ورم وثقل وغيرهما ، أما ثقله إن كان جبليا فلا علاج له أوطارئا وأسبابه انحلال البلغم في أعصابه وأحد الاخلاط اللزجة وقد يكون لطول مرض منهك وتناول الحوامض في الكلية على الخوى فيضعف العصب ( وعلامته ) تلونه بلون الخلط وتقدم السبب ( العلاج ) إن كان عن البلغم فالاكثار من الايارج أو عن السوداء فمن مطبوخ الأفتيمون باللازوزد وقد يفصد ما تحته من العروق لتحلل ما جمد ثم يدلك بالمحللات ثم العسل ثم الفستق خصوصا قشره الاعلى والفلفل والخردل خصوصا دهنه والقسط والشلبيثا تركيب مجرب في أمراض اللسان كلها وكذا ترياق الذهب ( وأما أورامه ) فسببها اندفاع أحد الاخلاط وعلاماتها معلومة وربما انفتح اللسان بفرط الرطوبة ويسمى الدلع ( العلاج ) يفصد.

 

[ ماليخوليا ] اسم جنس تحته أنواع كثيرة وستأتى في حرف الراء في أمراض الرأس [ مرض ] وهو إما عام أو خاص وهو إما باطن أو ظاهر وكل منهما إما أن يسمى باسم ما يقصد به كقولهم الباطنة الخاصة كأمراض الرأس إلى القدم ومنه ما لا يخص محلا بعينه كالسعفة وداء الحية والثعلب ومنها ما يعم كالحميات وفساد الألوان وكلها تنشأ من الاخلاط الأربعة وإنما يقع تزايدها بالأسباب وقد عرفتها وكذا العلامات ، فان أسباب كل مرض وعلاماته إما أن تكون مستندة إلى المادة وهى علامات الاخلاط أو إلى الزمان وهى البحران وقد يخص كل مرض بعلامة وسبب وعلاج خاص وهذا لابد من ذكره في موضعه . فإذا ذكرت مرضا وقلت علاجه كذا فمرادي بعد التنقية للخلط الغالب بما أعد له بعد معرفته بالعلامات السابقة فلا حاجة إلى إعادتها ، ومتى قلت واصطلاح الأغذية فمرادي ترك ما يولد الخلط الممرض واستعمال ضده أو قلت الادهان المناسبة والنطولات مثلا فمرادي بها المبرد في الحار والعكس ، وإذا قلت الفصد فمرادي في الحار فإن أطلقت ففصد المشترك وإلا قيدت وربما استغنيت بقرينة المقام كأن أذكر الفصد في إدرار الحيض فمرادي الصافن أو المأبض إحالة على القوانين.

 

[ نملة ] بثور والظاهر أنها من لطيف الصفراء الحادة تدفعها الحرارة فقد تكثر بحسب المادة وربما تجاوزت وانقلبت وتسمى الساعية وستأتى وقد تستدير وتسمى الجاروسية وتقدم الكلام عليها في البثور وقد تنضح ماء وصديدا وتسمى الرطبة ومنه نوع كلما اندمل قرح من محل آخر وله عيون متعددة وهل الزردقة تسمية الخلد تشبيها له بعمل ذلك الحيوان في الأرض وتقدم الكلام عليه وسيأتى ( وعلاجها ) الفصد والتنقية.

 

 

 في حالة نسخ أي صفحة من صفحات هذا الموقع يجب ذكر المصدر على النحو التالي
نقلاً موقع الطب الشعبي
الرجوع للصفحة الرئيسية